نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

192 - ومن خطبة له # تسمى القاصعة

صفحة 292 - الجزء 1

  واضْمَحَلَّتِ الأَنْبَاءُ ولَمَا وَجَبَ لِلْقَابِلِينَ أُجُورُ الْمُبْتَلَيْنَ ولَا اسْتَحَقَّ الْمُؤْمِنُونَ ثَوَابَ الْمُحْسِنِينَ ولَا لَزِمَتِ الأَسْمَاءُ مَعَانِيَهَا ولَكِنَّ اللَّه سُبْحَانَه جَعَلَ رُسُلَه أُولِي قُوَّةٍ فِي عَزَائِمِهِمْ وضَعَفَةً فِيمَا تَرَى الأَعْيُنُ مِنْ حَالَاتِهِمْ مَعَ قَنَاعَةٍ تَمْلأُ الْقُلُوبَ والْعُيُونَ غِنًى وخَصَاصَةٍ تَمْلأُ الأَبْصَارَ والأَسْمَاعَ أَذًى

  ولَوْ كَانَتِ الأَنْبِيَاءُ أَهْلَ قُوَّةٍ لَا تُرَامُ وعِزَّةٍ لَا تُضَامُ ومُلْكٍ تُمَدُّ نَحْوَه أَعْنَاقُ الرِّجَالِ وتُشَدُّ إِلَيْه عُقَدُ الرِّحَالِ لَكَانَ ذَلِكَ أَهْوَنَ عَلَى الْخَلْقِ فِي الِاعْتِبَارِ وأَبْعَدَ لَهُمْ فِي الِاسْتِكْبَارِ ولَآمَنُوا عَنْ رَهْبَةٍ قَاهِرَةٍ لَهُمْ أَوْ رَغْبَةٍ مَائِلَةٍ بِهِمْ فَكَانَتِ النِّيَّاتُ مُشْتَرَكَةً والْحَسَنَاتُ مُقْتَسَمَةً ولَكِنَّ اللَّه سُبْحَانَه أَرَادَ أَنْ يَكُونَ الِاتِّبَاعُ لِرُسُلِه والتَّصْدِيقُ بِكُتُبِه والْخُشُوعُ لِوَجْهِه والِاسْتِكَانَةُ لأَمْرِه والِاسْتِسْلَامُ لِطَاعَتِه أُمُوراً لَه خَاصَّةً لَا تَشُوبُهَا مِنْ غَيْرِهَا شَائِبَةٌ وكُلَّمَا كَانَتِ الْبَلْوَى والِاخْتِبَارُ أَعْظَمَ كَانَتِ الْمَثُوبَةُ والْجَزَاءُ أَجْزَلَ.

  الكعبة المقدسة

  أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّه سُبْحَانَه اخْتَبَرَ الأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ ÷ إِلَى الآخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ ولَا تَنْفَعُ ولَا تُبْصِرُ ولَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَيْتَه الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَه لِلنَّاسِ قِيَاماً ثُمَّ