نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

192 - ومن خطبة له # تسمى القاصعة

صفحة 294 - الجزء 1

  لَخَفَّفَ ذَلِكَ مُصَارَعَةَ الشَّكِّ فِي الصُّدُورِ ولَوَضَعَ مُجَاهَدَةَ إِبْلِيسَ عَنِ الْقُلُوبِ ولَنَفَى مُعْتَلَجَ الرَّيْبِ مِنَ النَّاسِ ولَكِنَّ اللَّه يَخْتَبِرُ عِبَادَه بِأَنْوَاعِ الشَّدَائِدِ ويَتَعَبَّدُهُمْ بِأَنْوَاعِ الْمَجَاهِدِ ويَبْتَلِيهِمْ بِضُرُوبِ الْمَكَارِه إِخْرَاجاً لِلتَّكَبُّرِ مِنْ قُلُوبِهِمْ وإِسْكَاناً لِلتَّذَلُّلِ فِي نُفُوسِهِمْ ولِيَجْعَلَ ذَلِكَ أَبْوَاباً فُتُحاً إِلَى فَضْلِه وأَسْبَاباً ذُلُلًا لِعَفْوِه.

  عود إلى التحذير

  فَاللَّه اللَّه فِي عَاجِلِ الْبَغْيِ وآجِلِ وَخَامَةِ الظُّلْمِ وسُوءِ عَاقِبَةِ الْكِبْرِ فَإِنَّهَا مَصْيَدَةُ إِبْلِيسَ الْعُظْمَى ومَكِيدَتُه الْكُبْرَى الَّتِي تُسَاوِرُ قُلُوبَ الرِّجَالِ مُسَاوَرَةَ السُّمُومِ الْقَاتِلَةِ فَمَا تُكْدِي أَبَداً ولَا تُشْوِي أَحَداً لَا عَالِماً لِعِلْمِه ولَا مُقِلاًّ فِي طِمْرِه وعَنْ ذَلِكَ مَا حَرَسَ اللَّه عِبَادَه الْمُؤْمِنِينَ بِالصَّلَوَاتِ والزَّكَوَاتِ ومُجَاهَدَةِ الصِّيَامِ فِي الأَيَّامِ الْمَفْرُوضَاتِ تَسْكِيناً لأَطْرَافِهِمْ وتَخْشِيعاً لأَبْصَارِهِمْ وتَذْلِيلًا لِنُفُوسِهِمْ وتَخْفِيضاً لِقُلُوبِهِمْ وإِذْهَاباً لِلْخُيَلَاءِ عَنْهُمْ ولِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ تَعْفِيرِ عِتَاقِ الْوُجُوه بِالتُّرَابِ تَوَاضُعاً والْتِصَاقِ كَرَائِمِ الْجَوَارِحِ بِالأَرْضِ تَصَاغُراً ولُحُوقِ الْبُطُونِ بِالْمُتُونِ مِنَ الصِّيَامِ تَذَلُّلًا مَعَ مَا فِي الزَّكَاةِ مِنْ صَرْفِ ثَمَرَاتِ الأَرْضِ وغَيْرِ ذَلِكَ إِلَى أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ والْفَقْرِ.