نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

192 - ومن خطبة له # تسمى القاصعة

صفحة 295 - الجزء 1

  فضائل الفرائض

  انْظُرُوا إِلَى مَا فِي هَذِه الأَفْعَالِ مِنْ قَمْعِ نَوَاجِمِ الْفَخْرِ وقَدْعِ طَوَالِعِ الْكِبْرِ ولَقَدْ نَظَرْتُ فَمَا وَجَدْتُ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ يَتَعَصَّبُ لِشَيْءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ إِلَّا عَنْ عِلَّةٍ تَحْتَمِلُ تَمْوِيه الْجُهَلَاءِ أَوْ حُجَّةٍ تَلِيطُ بِعُقُولِ السُّفَهَاءِ غَيْرَكُمْ فَإِنَّكُمْ تَتَعَصَّبُونَ لأَمْرٍ مَا يُعْرَفُ لَه سَبَبٌ ولَا عِلَّةٌ أَمَّا إِبْلِيسُ فَتَعَصَّبَ عَلَى آدَمَ لأَصْلِه وطَعَنَ عَلَيْه فِي خِلْقَتِه فَقَالَ أَنَا نَارِيٌّ وأَنْتَ طِينِيٌّ.

  عصبية المال

  وأَمَّا الأَغْنِيَاءُ مِنْ مُتْرَفَةِ الأُمَمِ فَتَعَصَّبُوا لِآثَارِ مَوَاقِعِ النِّعَمِ فَ {قالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وأَوْلاداً وما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ} فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ مِنَ الْعَصَبِيَّةِ فَلْيَكُنْ تَعَصُّبُكُمْ لِمَكَارِمِ الْخِصَالِ ومَحَامِدِ الأَفْعَالِ ومَحَاسِنِ الأُمُورِ الَّتِي تَفَاضَلَتْ فِيهَا الْمُجَدَاءُ والنُّجَدَاءُ مِنْ بُيُوتَاتِ الْعَرَبِ ويَعَاسِيبِ القَبَائِلِ بِالأَخْلَاقِ الرَّغِيبَةِ والأَحْلَامِ الْعَظِيمَةِ والأَخْطَارِ الْجَلِيلَةِ والآثَارِ الْمَحْمُودَةِ فَتَعَصَّبُوا لِخِلَالِ الْحَمْدِ مِنَ الْحِفْظِ لِلْجِوَارِ والْوَفَاءِ بِالذِّمَامِ والطَّاعَةِ لِلْبِرِّ والْمَعْصِيَةِ لِلْكِبْرِ والأَخْذِ بِالْفَضْلِ والْكَفِّ عَنِ الْبَغْيِ والإِعْظَامِ لِلْقَتْلِ والإِنْصَافِ لِلْخَلْقِ والْكَظْمِ لِلْغَيْظِ.