192 - ومن خطبة له # تسمى القاصعة
  واجْتِنَابِ الْفَسَادِ فِي الأَرْضِ واحْذَرُوا مَا نَزَلَ بِالأُمَمِ قَبْلَكُمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ بِسُوءِ الأَفْعَالِ وذَمِيمِ الأَعْمَالِ فَتَذَكَّرُوا فِي الْخَيْرِ والشَّرِّ أَحْوَالَهُمْ واحْذَرُوا أَنْ تَكُونُوا أَمْثَالَهُمْ.
  فَإِذَا تَفَكَّرْتُمْ فِي تَفَاوُتِ حَالَيْهِمْ فَالْزَمُوا كُلَّ أَمْرٍ لَزِمَتِ الْعِزَّةُ بِه شَأْنَهُمْ وزَاحَتِ الأَعْدَاءُ لَه عَنْهُمْ ومُدَّتِ الْعَافِيَةُ بِه عَلَيْهِمْ وانْقَادَتِ النِّعْمَةُ لَه مَعَهُمْ ووَصَلَتِ الْكَرَامَةُ عَلَيْه حَبْلَهُمْ مِنَ الِاجْتِنَابِ لِلْفُرْقَةِ واللُّزُومِ لِلأُلْفَةِ والتَّحَاضِّ عَلَيْهَا والتَّوَاصِي بِهَا واجْتَنِبُوا كُلَّ أَمْرٍ كَسَرَ فِقْرَتَهُمْ وأَوْهَنَ مُنَّتَهُمْ مِنْ تَضَاغُنِ الْقُلُوبِ وتَشَاحُنِ الصُّدُورِ وتَدَابُرِ النُّفُوسِ وتَخَاذُلِ الأَيْدِي وتَدَبَّرُوا أَحْوَالَ الْمَاضِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَكُمْ كَيْفَ كَانُوا فِي حَالِ التَّمْحِيصِ والْبَلَاءِ أَلَمْ يَكُونُوا أَثْقَلَ الْخَلَائِقِ أَعْبَاءً وأَجْهَدَ الْعِبَادِ بَلَاءً وأَضْيَقَ أَهْلِ الدُّنْيَا حَالًا اتَّخَذَتْهُمُ الْفَرَاعِنَةُ عَبِيداً فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ و جَرَّعُوهُمُ الْمُرَارَ فَلَمْ تَبْرَحِ الْحَالُ بِهِمْ فِي ذُلِّ الْهَلَكَةِ وقَهْرِ الْغَلَبَةِ لَا يَجِدُونَ حِيلَةً فِي امْتِنَاعٍ ولَا سَبِيلًا إِلَى دِفَاعٍ حَتَّى إِذَا رَأَى اللَّه سُبْحَانَه جِدَّ الصَّبْرِ مِنْهُمْ عَلَى الأَذَى فِي مَحَبَّتِه والِاحْتِمَالَ لِلْمَكْرُوه مِنْ خَوْفِه جَعَلَ لَهُمْ مِنْ مَضَايِقِ الْبَلَاءِ فَرَجاً فَأَبْدَلَهُمُ الْعِزَّ مَكَانَ الذُّلِّ والأَمْنَ مَكَانَ الْخَوْفِ فَصَارُوا مُلُوكاً حُكَّاماً وأَئِمَّةً أَعْلَاماً وقَدْ بَلَغَتِ الْكَرَامَةُ مِنَ اللَّه لَهُمْ