نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

192 - ومن خطبة له # تسمى القاصعة

صفحة 297 - الجزء 1

  مَا لَمْ تَذْهَبِ الآمَالُ إِلَيْه بِهِمْ.

  فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانُوا حَيْثُ كَانَتِ الأَمْلَاءُ مُجْتَمِعَةً والأَهْوَاءُ مُؤْتَلِفَةً والْقُلُوبُ مُعْتَدِلَةً والأَيْدِي مُتَرَادِفَةً والسُّيُوفُ مُتَنَاصِرَةً والْبَصَائِرُ نَافِذَةً والْعَزَائِمُ وَاحِدَةً أَلَمْ يَكُونُوا أَرْبَاباً فِي أَقْطَارِ الأَرَضِينَ ومُلُوكاً عَلَى رِقَابِ الْعَالَمِينَ فَانْظُرُوا إِلَى مَا صَارُوا إِلَيْه فِي آخِرِ أُمُورِهِمْ حِينَ وَقَعَتِ الْفُرْقَةُ وتَشَتَّتَتِ الأُلْفَةُ واخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ والأَفْئِدَةُ وتَشَعَّبُوا مُخْتَلِفِينَ وتَفَرَّقُوا مُتَحَارِبِينَ وقَدْ خَلَعَ اللَّه عَنْهُمْ لِبَاسَ كَرَامَتِه وسَلَبَهُمْ غَضَارَةَ نِعْمَتِه وبَقِيَ قَصَصُ أَخْبَارِهِمْ فِيكُمْ عِبَراً لِلْمُعْتَبِرِينَ.

  الاعتبار بالأمم

  فَاعْتَبِرُوا بِحَالِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ وبَنِي إِسْحَاقَ وبَنِي إِسْرَائِيلَ # فَمَا أَشَدَّ اعْتِدَالَ الأَحْوَالِ وأَقْرَبَ اشْتِبَاه الأَمْثَالِ

  تَأَمَّلُوا أَمْرَهُمْ فِي حَالِ تَشَتُّتِهِمْ وتَفَرُّقِهِمْ لَيَالِيَ كَانَتِ الأَكَاسِرَةُ والْقَيَاصِرَةُ أَرْبَاباً لَهُمْ يَحْتَازُونَهُمْ عَنْ رِيفِ الآفَاقِ وبَحْرِ الْعِرَاقِ وخُضْرَةِ الدُّنْيَا إِلَى مَنَابِتِ الشِّيحِ ومَهَافِي الرِّيحِ ونَكَدِ الْمَعَاشِ فَتَرَكُوهُمْ عَالَةً مَسَاكِينَ إِخْوَانَ دَبَرٍ ووَبَرٍ أَذَلَّ الأُمَمِ دَاراً وأَجْدَبَهُمْ قَرَاراً لَا يَأْوُونَ إِلَى جَنَاحِ دَعْوَةٍ