14 - عبد الله بن معاوية
  واختلف في أمره بعد محبسه. فقال بعض أهل السير: إنه لم يزل محبوسا حتى كتب إلى أبي مسلم رسالته المشهورة التي أولها:
  من الأسير في يديه المحبوس بلا جرم لديه(١)، وهي طويلة لا معنى لذكرها ها هنا. فلما كتب إليه بذلك أمر بقتله(٢).
  وقال آخرون: بل دس إليه سما فمات منه، ووجه برأسه إلى ابن ضبارة، فحمله إلى مروان.
  وقال آخرون: سلمه حيا إلى ابن ضبارة فقتله، وحمل رأسه إلى مروان.
  أخبرني عمر بن عبد الله العتكي، قال: حدثنا عمر بن شبه قال: حدثنا محمد بن يحيى: أن عمر بن عبد العزيز بن عمران حدثه عن محمد بن عبد العزيز(٣)، عن عبد الله بن الربيع، عن سعيد بن عمرو بن جعدة بن هبيرة:
  أنه حضر مروان يوم الزّاب، وهو يقاتل عبد الله بن علي [فسأل عنه](٤) فقيل: هو الشاب المصفّر الذي كان يسب عبد الله بن معاوية يوم جيء برأسه إليك. فقال: والله لقد هممت بقتله مرارا، - كل ذلك يحال بيني وبينه، وكان أمر الله قدرا مقدورا، والله(٥) لوددت أن علي بن أبي طالب يقاتلني مكانه، فقلت: أتقول مثل هذا لعلي في موضعه ومحله؟ قال: لم أرد الموضع والمحل،
(١) في الأغاني «رسالته المشهورة التي يقول فيها: إلى أبي مسلم من الأسير في يديه، بلا ذنب ولا خلاف عليه. أما بعد، فإنك مستودع ودائع، ومولى صنائع، وإن الودائع رعية، وإن الصنائع عارية، فاذكر القصاص، واطلب الخلاص، ونبّه للفكر قلبك، واتق الله ربك، وآثر ما يلقاك غدا على ما لا يلقاك أبدا، فإنك لاق ما أسلفت، وغير لاق ما خلفت، وفقك الله لما ينجيك، وآتاك شكر ما يبليك». قال: فلما قرأ كتابه رمى به ثم قال: قد أفسد علينا أصحابنا وأهل طاعتنا وهو محبوس في أيدينا، فلو خرج وملك أمرنا لأهلكنا. ثم أمضى تدبيره في قتله».
(٢) راجع البيان والتبيين ٢/ ٦٧ - ٦٨، وفي ابن الأثير ٥/ ١٥١ «فأمر من وضع فرشا على وجهه، فمات وأخرج فصلى عليه ودفنه وقبره بهراة معروف يزار».
(٣) في الأغاني «أن عبد العزيز بن عمران حدثه عن عبد الله بن الربيع».
(٤) الزيادة من الأغاني ١١/ ٧٥.
(٥) من هنا إلى قوله إني لصادق ليس في الأغاني ولا في الخطية.