مقاتل الطالبيين،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أيام أبي جعفر المنصور

صفحة 226 - الجزء 1

  فخرج جعفر يتوكأ على يدي فقال لي: أرأيت صاحب الرداء الأصفر؟ يعني أبا جعفر. قلت: نعم. قال: فإنا والله نجده يقتل محمدا، قلت: أو يقتل محمدا؟ قال: نعم. فقلت في نفسي: حسده ورب الكعبة. ثم ما خرجت والله من الدنيا حتى رأيته قتله.

  أخبرني عيسى بن الحسين الورّاق، قال: حدثنا الخراز عن المدائني، وأخبرني الحسن بن علي، قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد، قال: حدثني علي بن عمرو، عن ابن داحة:

  أن جعفر بن محمد قال لعبد الله بن الحسن: إن هذا الأمر، والله ليس إليك، ولا إلى ابنيك، وإنما هو لهذا - يعني السفاح - ثم لهذا - يعني المنصور، ثم لولده من بعده، لا يزال فيهم حتى يؤمروا الصبيان، ويشاوروا النساء.

  فقال عبد الله: والله يا جعفر، ما أطلعك الله على غيبه، وما قلت هذا إلّا حسدا لابني⁣(⁣١).

  فقال: لا والله ما حسدت ابنك، وإن هذا - يعني أبا جعفر - يقتله على أحجار الزيت، ثم يقتل أخاه بعده بالطفوف، وقوائم فرسه في الماء.

  ثم قام مغضبا يجر رداءه، فتبعه أبو جعفر فقال: أتدري ما قلت يا أبا عبد الله؟ قال: إي والله أدريه، وإنه لكائن.

  قال: فحدثني من سمع أبا جعفر يقول:

  فانصرفت لوقتي فرتبت عمالي، وميزت أموري تمييز مالك لها.

  قال: فلما ولى أبو جعفر الخلافة سمى جعفرا الصادق، وكان إذا ذكره قال: قال لي الصادق جعفر بن محمد كذا وكذا، فبقيت عليه.

  أخبرني عيسى بن الحسين، قال: حدّثنا الخراز، قال: حدّثني المدائني، عن سحيم بن حفص:

  أن نفرا من بني هاشم اجتمعوا بالأبواء من طريق مكة، فيهم إبراهيم


(١) راجع صفحة ١٨٤.