مقاتل الطالبيين،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أيام أبي جعفر المنصور

صفحة 271 - الجزء 1

  فشخص هشام إلى السند، فقتله وبعث برأسه إلى أبي جعفر⁣(⁣١).

  قال عيسى: فرأيت رأسه قد بعث به أبو جعفر إلى المدينة، وعليها الحسن بن زيد، فجعلت الخطباء تخطب، وتذكر المنصور، وتثنى عليه، والحسن بن زيد على المنبر، ورأس الأشتر بين يديه، وكان في خطبة شبيب بن شيبة يا أهل المدينة: ما مثلكم ومثل أمير المؤمنين إلّا كما قال الفرزدق⁣(⁣٢):

  ما ضرّ تغلب وائل أهجوتها ... أم بلت⁣(⁣٣) حيث تناطح البحران

  فتكلم الحسن بن زيد فحض على الطاعة، وقال: ما زال الله يكفي أمير المؤمنين من بغاه، وناوأه وعاداه، وعدل عن طاعته، وابتغى سبيلا غير سبيله.

  * * *


(١) في الطبري «فلما قتل محمد وإبراهيم انتهى خبر عبد الله الأشتر إلى المنصور فبلغ ذلك منه ... وكتب إلى عمر بن حفص بولايته على إفريقية، وولى على السند هشام بن عمرو التغلبي، وأمره أن يكاتب ذلك الملك، فإن أطاعه وسلم إليه عبد الله بن محمد وإلّا حاربه، ولما صار هشام إلى السند كره أخذ عبد الله، وأقبل يرى الناس أنه يكاتب الملك ويرفق به، فاتصلت الأخبار بأبي جعفر بذلك، فجعل يكتب إليه يستحثه، فبينا هو كذلك إذ خرجت خارجة ببعض بلاد السند، فوجه إليهم أخاه سفنجا، فخرج يجر الجيش وطريقه بجنبات ذلك الملك، فبينا هو يسير إذا هو برهج قد ارتفع من موكب، فظن أنه مقدمة للعدو الذي يقصده، فوجه طلائعه، فرجعت فقالت:

ليس هذا عدوك الذي تريد، ولكن هذا عبد الله بن محمد الأشتر العلوي ركب متنزها يسير على شاطئ مهران، فمضى يريده، فقال له نصاحة: هذا ابن رسول الله، وقد علمت أن أخاك تركه متعمدا مخافة أن يبوء بدمه، ولم يقصدك، وإنما خرج متنزها، وخرجت تريد غيره، فأعرض عنه فقال: ما كنت لأدع أحدا يحوزه ولا أدع أحدا يحظى بالتقرب إلى المنصور بأخذه وقتله، وكان في عشرة فقصد قصده، وذمر أصحابه فحمل عليه فقاتله عبد الله، وقاتل أصحابه بين يديه حتى قتل وقتلوا جميعا، فلم يفلت منهم مخبر، وسقط بين القتلى فلم يشعر به، وقيل إن أصحابه قذفوه في مهران لما قتل لئلا يؤخذ رأسه، فكتب هشام ابن عمرو بذلك كتاب فتح إلى المنصور يخبره أنه قصده قصدا، فكتب إليه المنصور يحمد أمره، ويأمره بمحاربة الملك الذي آواه، وذلك أن عبد الله كان اتخذ جواري وهو بحضرة ذلك الملك، فأولد منهن واحدة محمد بن عبد الله، وهو أبو الحسن محمد العلوي الذي يقال له: ابن الأشتر، فحاربه حتى ظفر به وقتله، ووجه بأم ولد عبد الله وابنه إلى المنصور، فكتب المنصور إلى واليه بالمدينة يخبره بصحة نسب الغلام، وبعث به إليه، وأمره أن يجمع آل أبي طالب، وأن يقرأ عليهم كتابه بصحة نسب الغلام ويسلمه إلى أقربائه».

(٢) كذا في ط وق، وفي الخطية «كما قال الأخطل» ولم أجده في ديوانه، ووجدته في ديوان الفرزدق ص ٨٨٢.

(٣) كذا في الديوان، وفي ط وق «أم نلت».