ذكر أيام المأمون ابن الرشيد
  ركب بنفسه حتى لقيهم وآمنهم على أن ينفذ بهم إلى الحسن بن سهل فقبلوا ذلك منه، وأعطى الذي أعلمه خبرهم عشرة آلاف درهم، وحملهم إلى الحسن بن سهل(١).
  وبادر محمد بن محمد بكتاب إلى الحسن بن سهل، يسأله أن يؤمنه على نفسه ويستعطفه، فقال الحسن بن سهل: لا بد من ضرب عنقك. فقال له بعض من كان يستنصحه: لا تفعل أيها الأمير، فإن الرشيد لما نقم على البرامكة احتج عليهم بقتل ابن الأفطس، وهو عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن علي بن الحسين بن علي فقتلهم به، ولكن احمله إلى أمير المؤمنين، فعمل ذلك وحلف أنه يقتل أبا السرايا.
  فلما أتته بهم الرسل وهو نازل بالمدائن معسكرا قال لأبي السرايا: من أنت؟.
  قال: السري بن المنصور.
  قال: لا بل أنت النذل ابن النذل، المخذول ابن المخذول، قم يا هارون بن أبي خالد فاضرب عنقه بأخيك عبدوس(٢) بن عبد الصمد، فقام إليه فقدمه فضرب عنقه.
  ثم أمر برأسه فصلب في الجانب الشرقي، وصلب بدنه في الجانب الغربي(٣).
  وقتل غلامه أبا الشوك وصلب معه.
  وحمل محمد بن محمد إلى خراسان(٤)، فأقيم بين يدي المأمون وهو جالس في مستشرف له، ثم صاح الفضل بن سهل اكشفوا رأسه فكشف رأسه(٥) فجعل المأمون يتعجب من حداثة سنه، ثم أمر له بدار فأسكنها، وجعل له فيها فرشا وخادما، فكان فيها على سبيل الاعتقال والتوكيل، وأقام على ذلك مدة يسيرة يقال: إن مقدارها أربعون يوما، ثم دست إليه شربة فكان يختلف كبده وحشوته، حتى مات.
(١) في الطبري «وكان الحسن مقيما بالنهروان حين طردته الحريبة».
(٢) في الطبري ١٠/ ٢٣١ «... ضربت عنق أبي السرايا يوم الخميس لعشر خلون من ربيع الأول. والذي تولى ضرب عنقه هارون بن محمد بن أبي خالد، وكان أسيرا في يدي أبي السرايا، وذكر أنه لم يروا أحدا عند القتل أشد جزعا من أبي السرايا، كان يضطرب بيديه ورجليه، ويصيح أشد ما يكون الصياح، حتى جعل في رأسه حبل، وهو في ذلك يضطرب ويلتوي ويصيح، حتى ضربت عنقه، ثم بعث برأسه فطيف به في عسكر الحسن بن سهل ...».
(٣) راجع المحبر لابن حبيب ص ٤٨٩، وفي الطبري ١٠/ ٢٣١ «وكان بين خروجه بالكوفة وقتله عشرة أشهر».
(٤) الطبري ١٠/ ٢٣١.
(٥) في ط وق «السقوا رأسه فألسقوه».