أيام المتوكل
  مخافة دنيا رثّة أن تميلني ... كما مال فيها الهالك المتجانف(١)
  فيا رب إن حانت وفاتي فلا تكن ... على شرجع يعلى بخضر المطارف(٢)
  ولكن قتيلا شاهدا لعصابة ... يصابون في فج من الأرض خائف(٣)
  إذا فارقوا دنياهم فارقوا الأذى ... وصاروا إلى ميعاد ما في المصاحف(٤)
  قال أبو الفرج: هكذا ذكر اسماعيل بن يعقوب، وهذا الشعر للطرماح بن حكيم الطائي(٥)، وكان يذهب مذهب الشّراة(٦)، ولعل عبد الله بن موسى كان ينشده متمثلا.
(١) هذا البيت غير موجود في الأغاني، وفيه بدله:
لأكسب مالا أو أؤول إلى غنى ... من الله يكفيني غداة الخلائف
(٢) الشرجع: النعش، وبعده في الأغاني:
ولكن قبري بطن نسر مقيله ... بجو السماء في نسور عواكف
(٣) صدره كما في الأغاني «وأمسى شهيدا ثاويا في عصابة» وبعده:
فوارس من شيبان ألف بينهم ... تقى الله نزالون عند التراجف
(٤) في الخطية «ما في الصحائف».
(٥) قال أبو الفرج في ترجمة الطرماح ١٠/ ١٦٠ «وأخبرني محمد بن القاسم الأنباري قال: أخبرني أبي قال: حدثني الحسن بن عبد الرحمن الربعي قال: حدثنا محمد بن عمران قال: حدثني إبراهيم بن سوار الضبي، قال: حدثني محمد بن زياد القرشي عن ابن شبرمة قال:
كان الطرماح لنا جليسا، ففقدناه أياما كثيرة، فقمنا بأجمعنا لننظر ما فعل وما دهاه، فلما كنا قريبا من منزله إذا نحن بنعش عليه مطرف أخضر، فقلنا: لمن هذا النعش؟ فقيل: هذا نعش الطرماح، فقلنا: والله ما استجاب الله تعالى له حيث يقول: وإني لمقتاد جوادي وقاذف».
(٦) قال أبو الفرج في الأغاني ١٠/ ١٥٦ «أخبرني اسماعيل بن يونس قال: حدثنا عمر بن شبّة، عن المدائني، عن أبي بكر الهذلي قال:
قدم الطرماح بن حكيم الكوفة، فنزل في تيم اللات بن ثعلبة، وكان فيهم شيخ من الشراة له سمت وهيئة، وكان الطرماح يجالسه ويسمع منه، فرسخ كلامه في قلبه، ودعاه الشيخ إلى مذهبه فقبله، واعتقده أشد اعتقاد وأصحه حتى مات عليه».