مقاتل الطالبيين،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

أيام المستعين

صفحة 511 - الجزء 1

  أن أبا محمد عبد الله بن زيدان البجلي⁣(⁣١) خرج معه معلما، وكان أحد فرسان أصحابه. وقد لقيته أنا وكتبت عنه، وكنت أرى فيه [من] الحذر والتوقي من كثير من الناس، ما يدل على صدق ما ذكر عنه.

  * * *

  وما بلغني أن أحدا ممن قتل في الدولة العباسية من آل أبي طالب رثى بأكثر مما رثى به يحيى [ولا قيل فيه الشعر بأكثر] مما قيل فيه⁣(⁣٢).

  واتفق في وقت مقتله عدة شعراء محيدون للقول [أولوا هوى] في هذا المذهب، إلّا أنني ذكرت بعض ذلك كراهية الإطالة.

  فمنه قول علي بن العباس الرومي⁣(⁣٣) يرثيه، وهي من مختار ما رثى به، بل إن قلت إنها عين ذلك والمنظور إليه لم أكن مبعدا، لو لا أنه أفسدها بأن جاوز الحد وأغرق في النزع، وتعدى المقدار بسب مواليه من بني العباس، وقوله فيهم من الباطل ما لا يجوز لأحد أن يقوله، وهي:

  أمامك فانظر أيّ نهجيك تنهج ... طريقان شتّى مستقيم وأعوج⁣(⁣٤)

  ألا أيّهذا الناس طال ضريركم ... بآل رسول الله فاخشوا أو ارتجوا⁣(⁣٥)

  أكلّ أوان للنّبي محمد ... قتيل زكيّ بالدّماء مضرّج⁣(⁣٦)

  تبيعون فيه الدّين شرّ أئمة ... فلله دين الله قد كاد يمرج⁣(⁣٧)

  لقد ألحجوكم في حبائل فتنة ... وللملحجوكم في الحبائل ألحج⁣(⁣٨)


(١) في الخطية «أبا محمد عبد الله بن يزيد العجلي».

(٢) راجع ابن الأثير ٧/ ٤٤ ومروج الذهب ٢/ ٢٩١ - ٢٩٢.

(٣) ولد ابن الرومي في رجب سنة إحدى وعشرين ومائتين ببغداد، وتوفي بها سنة ثلاث وثمانين ومائتين، راجع ترجمته في ابن خلكان ١/ ٣٥١ وديوانه المطبوع ٢/ ٤٦ - ٥٤ والمخطوط ص ٤١٤.

(٤) تنهج: تسلك، شتى: أي طريقان متباينان أحدهما مستقيم والآخر أعوج.

(٥) الضرير: المضارة.

(٦) في ط وق «أفي كل يوم» الزكي: الصالح، والمضرج: الملطخ.

(٧) في ط وق «قد كان يمزج» فيه: أي بسبب، وشر أئمة: يريد بهم خلفاء بني العباس، ويمرج: يفسد ويضطرب.

(٨) في ط وق «وللملحجيكم ... ألحجوا» ألحجوكم: ادخلوكم وأوقعوكم يقال: لحج في الأمر إذا دخل فيه ونشب، والحبائل: جمع حبالة وهي المصيدة، وألحج: أكثر لحجا، أي أعظم دخولا ووقوعا في شراك الفتنة.