مقاتل الطالبيين،

أبو الفرج الأصبهاني (المتوفى: 356 هـ)

29 - إبراهيم بن عبد الله بن الحسن

صفحة 294 - الجزء 1

  بالبارحة [إن] في صدري حرارة لا يطفيها إلّا برد عدل أو حرّ سنان.

  (وكان⁣(⁣١) الذي خطب بذلك محمد بن سليمان: قال: فبكى حتى كاد أن يسقط عن المنبر. وأحبه النساك. وقالوا: ملك مترف. وذكر ذنبه فأبكاه. فبكى).

  * * *

وصول مقتل محمد بن عبد الله إلى أخيه

  إبراهيم، وحركته للنهوض إلى باخمري، وتوجيه أبي جعفر القواد إليه ومقتله

  حدثنا يحيى بن علي بن يحيى المنجم، قال: حدثنا عمر بن شبّة، قال: حدثني محمد بن عبد الله بن حماد الثقفي عمن أخبره، قال أبو زيد، وحدثني محمد بن الحكم، بن عبيدة، عن جدّه مسعود بن الحارث، قال:

  لما كان يوم الفطر شهدنا إبراهيم، وكنا قريبا من المنبر، وعبد الواحد بن زياد معنا، فسمعت إبراهيم يتمثل بهذه الأبيات⁣(⁣٢):

  أبا المنازل يا خير الفوارس من ... يفجع بمثلك في الدنيا فقد فجعا

  الله يعلم أني لو خشيتهم ... وأوجس القلب من خوف لهم فزعا⁣(⁣٣)

  لم يقتلوه ولم أسلم أخي لهم⁣(⁣٤) ... حتى نموت جميعا أو نعيش معا

  ثم بكى فقال:

  اللهم إنك تعلم أن محمدا إنما خرج غضبا لك، ونفيا لهذه المسوّدة وإيثارا لحقك فارحمه واغفر له، واجعل الآخرة خير مردّ له، ومنقلب من الدنيا. ثم جرض بريقه⁣(⁣٥) وترادّ الكلام في فيّه وتلجلج ساعة، ثم انفجر باكيا منتحبا، وبكى الناس. قال: فو الله لرأيت عبد الواحد بن زياد اهتز له من قرنه إلى


(١) هذا الكلام الذي بين القوسين غير موجود في المخطوطة.

(٢) ابن أبي الحديد ١/ ٣٢٤ وابن الأثير ٥/ ٢٢٢ ومروج الذهب ٢/ ١٧٠.

(٣) كذا في ط وق، وفي الخطية وابن الأثير، وابن أبي الحديد «لو خشيتهم» وفي الأخير «أو آنس القلب».

(٤) في ط وق «ولم يسلم أخي لهم» وفي ابن الأثير «ولم أسلم أخي أحدا».

(٥) في القاموس: «جرض بريقه كفرح ابتلعه بالجهد على هم».