شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[المسألة الرابعة: بعد واو المعية في جواب نفي أو طلب أيضا]

صفحة 100 - الجزء 1

  ٢٣ - لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك - إذا فعلت - عظيم

  وتقول: «لا تأكل السّمك وتشرب اللّبن» فتنصب «تشرب» إن قصدت النّهي عن الجمع بينهما، وتجزم إن قصدت النهي عن كل واحد منهما، أي: لا تأكل السمك ولا تشرب اللبن، وترفع إن نهيت عن الأول، وأبحت الثاني، أي: لا تأكل السمك ولك شرب اللبن.

  * * *


٢٣ - هذا البيت من كلمة لأبي الأسود الدؤلي الذي ينسب إليه وضع علم النحو، وهو من أصحاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ¥ وأحد عماله وشيعته، وبعض الناس ينسب هذا البيت للمتوكل الكناني، وقد استشهد بهذا البيت جماعة منهم سيبويه (ج ١ ص ٤٢٤) ونسبه للأخطل، وذكر الأعلم في شرحه أنه لأبي الأسود، والأشموني في باب إعراب الفعل، والمؤلف في «أوضح المسالك» (رقم ٥٠٠) وفي «شذور الذهب» مرتين (رقم ١١٤):

وابن عقيل (رقم ٣٢٨) وقبل هذا البيت قوله:

يا أيّها الرّجل المعلّم غيره ... هلّا لنفسك كان ذا التّعليم

تصف الدّواء لذي السّقام وذي الضّنى ... كيما يصحّ به، وأنت سقيم؟!

ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها ... فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

فهناك يسمع ما تقول، ويشتفى ... بالقول منك، وينفع التّعليم

اللغة: «السقام» بفتح السين - المرض، وفعله سقم - بكسر القاف أو ضمها - والسقيم: المريض، والضنى: هو المرض الذي كلما ظن برؤه عاد. والغي: ضد الرشد، والعار: كل شيء يلزمك بسببه عيب.

المعنى: ينهاك الشاعر عن أن تقوم بنصح إنسان فتكلفه أن يترك أمرا من الأمور وأنت تأتي مثل هذا الأمر ولا تلزم نفسك تركه، يقول لك: إنك إن فعلت ذلك ألزمت نفسك العار العظيم، وعابك الناس، ولم يقتدوا بكلامك؛ لأن المرشد الذي يحب أن تكون إرشاداته نافعة ناجحة ينبغي له أن يفعل ما يأمر به ويجتنب ما ينهى عنه.

الإعراب: «لا» ناهية حرف مبني على السكون لا محل له من الإعراب «تنه» فعل مضارع مجزوم بلا الناهية، وعلامة جزمه حذف الألف والفتحة قبلها دليل عليها «عن» حرف جر «خلق» مجرور بعن، وعلامة جره الكسرة الظاهرة والجار والمجرور متعلق بتنهى «وتأتي» الواو واو المعية، تأتي: فعل مضارع منصوب بأن المضمرة بعد واو المعية، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «مثله» مثل: مفعول به لتأتي، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، ومثل مضاف والهاء ضمير غائب عائد إلى خلق مضاف إليه، مبني على الضم في محل جر «عار» مبتدأ مرفوع =