شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[قد يتوسط خبرها]

صفحة 153 - الجزء 1

  الْمُؤْمِنِينَ}⁣(⁣١) {أَ كانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا}⁣(⁣٢)، وقرأ حمزة وحفص: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ}⁣(⁣٣) بنصب البرّ، وقال الشاعر:

  ٤٢ - سلي إن جهلت النّاس عنّا وعنهم ... فليس سواء عالم وجهول


= راجعا إلى متأخر، وهو عندهم غير جائز، ومنعه ابن معط في «دام» وحدها، وابن درستويه في ليس، ومنعه قوم إذا كان الخبر جملة فعلية مطلقا، ومنعه قوم آخرون إذا كان الخبر جملة فعلية فعلها رافع لضمير الاسم، وصحح هذا الرأي ابن عصفور.

(١) من الآية ٤٧ من سورة الروم.

(٢) من الآية ٢ من سورة يونس.

(٣) من الآية ١٧٧ من سورة البقرة.

٤٢ - هذا البيت من كلام السموأل بن عادياء اليهودي، وهو شاعر من شعراء الجاهلية يضرب به المثل في الوفاء، وقد أنشد هذا البيت جماعة من شراح الألفية منهم ابن عقيل (رقم ٦٥) والأشموني (رقم ١٣٤).

اللغة: «سلي» فعل أمر من السؤال «سواء» معناه هنا مستو.

المعنى: يقول: إن كنت تجهلين قدرنا فاسألي الناس عنا وعن الذين تقارنينهم بنا، فإذا سألت عرفت، وذلك لأن العالم والجاهل لا يستويان.

الإعراب: «سلي» فعل أمر مبني على حذف النون، وياء المؤنثة المخاطبة فاعله، مبني على السكون في محل رفع «إن» حرف شرط جازم «جهلت» جهل: فعل ماض فعل الشرط، مبني على الفتح المقدر في محل جزم بأن، والتاء ضمير المخاطبة فاعل، مبني على الكسر في محل رفع، وجواب الشرط محذوف يدل عليه سابق الكلام، والتقدير: إن جهلت فاسألي «الناس» مفعول به لسلي «عنا» جار ومجرور متعلق بسلي «وعنهم» الواو حرف عطف، عنهم: جار ومجرور معطوف على الجار والمجرور السابق «فليس» الفاء حرف دال على التعليل، ليس فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر «سواء» خبر ليس تقدم على اسمه «عالم» اسم ليس تأخر عن خبره «وجهول» الواو حرف عطف، وجهول: معطوف على عالم، والمعطوف على المرفوع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة في آخره.

الشاهد فيه: قوله «ليس سواء عالم وجهول» حيث قدم خبر ليس - وهو قوله سواء - على اسمه وهو قوله عالم؛ فدل هذا على أن هذا التقدم جائز، مع هذا الفعل الذي هو ليس، خلافا لمن منع منه كابن درستويه.

ومما يدل عليه قوله تعالى: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} بنصب البر على أنه خبر ليس تقدم على اسمه، واسمه هو المصدر المنسبك من أن وما دخلت عليه، والتقدير: ليس توليتكم وجوهكم قبل المشرق والمغرب البر، وقد ذكر المؤلف هذه الآية لما أوضحناه.

ومن أدلة ذلك في زال الشاهد السابق (رقم ٤١) وقد بينا ذلك في شرحه.