شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[قد يتوسط خبرها]

صفحة 154 - الجزء 1

  وقال الآخر:

  ٤٣ - لا طيب للعيش ما دامت منغّصة ... لذّاته بادّكار الموت والهرم

  وعن ابن درستويه أنه منع تقديم خبر ليس، ومنع ابن معط في ألفيته⁣(⁣١) تقديم خبر دام، وهما محجوجان بما ذكرنا من الشواهد وغيرها⁣(⁣٢).

  * * *


٤٣ - هذا البيت من الشواهد التي لم نقف لها على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده ابن عقيل (رقم ٦٦) والمؤلف في أوضحه (رقم ٨٦) والأشموني (رقم ١٨٥) وشرحناه في كل المواضع التي ذكرناها.

اللغة: «ادكار» أي: تذكر، وأصله إذتكار، ثم قلبت التاء دالا، فصار اذدكار، ثم قلبت الذال المعجمة دالا مهملة فصار اددكار، ثم أدغمت الدال في الدال، ويجوز أن تقول: اذكّار - بذال معجمة مشددة - على أن تعكس في القلب، فتقلب الدال ذالا، ثم تدغم الذال في الذال «الهرم» الشيخوخة وكبر السن.

المعنى: إن الإنسان لا يهنأ باله، ولا تستريح خواطره، ولا يطيب له العيش إذا كان كثير التذكر للموت وما يصيبه من الكبر والضعف.

الإعراب: «لا» نافية للجنس تعمل عمل إن «طيب» اسم لا مبني على الفتح في محل نصب «للعيش»، جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر لا «ما» مصدرية ظرفية «دامت» دام: فعل ماض ناقص، مبني على الفتح لا محل له، والتاء علامة على تأنيث المسند إليه «منغصة» خبر دام مقدم على اسمه، منصوب بالفتحة الظاهرة «لذاته» لذات: اسم دام مؤخر، مرفوع بالضمة الظاهرة، ولذات مضاف والهاء ضمير الغائب العائد إلى العيش مضاف إليه، مبني على الضم في محل جر «بادكار» الباء حرف جر، ادكار:

مجرور بالباء، وعلامة جره الكسرة الظاهرة، والجار والمجرور متعلق بادكار، وادكار مضاف و «الموت» مضاف إليه، مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة «والهرم» الواو حرف عطف، الهرم:

معطوف على الموت، والمعطوف على المجرور مجرور، وعلامة جره الكسرة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله «ما دامت منغصة لذاته» حيث تقدم خبر دام، وهو قوله منغصة، على اسمها، وهو قوله لذاته؛ فتوسط الخبر بين الفعل العامل عمل كان والاسم.

وهذا البيت يرد على ابن معط الذي ذهب إلى أن خبر دام لا يجوز أن يتوسط بينها وبين الاسم، وفي البيت وجوه أخرى من الإعراب والتخريج لا تليق بهذه اللمحات الوجيزة.

(١) قال ابن معط في ألفيته:

ولا يجوز أن تقدّم الخبر ... على اسم ما دام، وجاز في الأخر

(٢) مما ورد من شواهد توسط خبر هذه الأفعال بينها وبين اسمها الشاهد رقم ٤١ السابق، وقد أشرنا لذلك في شرحه وفيما بعده، وقول حسان بن ثابت الأنصاري:

كأنّ سبيئة من بيت رأس ... يكون مزاجها عسل وماء

=