[وقد يتقدم خبرها إلا مع دام وليس]
  قوله تعالى: {أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ}(١)، فإياكم: مفعول يعبدون، وقد تقدّم على كان، وتقدّم المعمول(٢) يؤذن بجواز تقدم العامل.
  ويمتنع ذلك في خبر «ليس» و «دام».
  فأما امتناعه في خبر دام فبالاتفاق؛ لأنك إذا قلت: «لا أصحبك ما دام زيد صديقك» ثم قدّمت الخبر على «ما دام» لزم من ذلك تقديم معمول الصلة على الموصول؛ لأن «ما» هذه موصول حرفيّ يقدّر بالمصدر كما قدّمناه، وإن قدمته على «دام» دون «ما» لزم الفصل بين الموصول الحرفيّ وصلته، وذلك لا يجوز؛ لا تقول: «عجبت مما زيدا تصحب»، وإنما يجوز ذلك في الموصول الاسمي، غير الألف واللام؛ تقول: «جاءني الّذي زيدا ضرب»، ولا يجوز في نحو: «جاء الضّارب زيدا» أن تقدّم زيدا على ضارب.
  وأما امتناع ذلك في خبر «ليس» فهو اختيار الكوفيين، والمبرد، وابن السراج، وهو الصحيح؛ لأنه لم يسمع مثل «ذاهبا لست» ولأنها فعل جامد، فأشبهت عسى، وخبرها لا يتقدم باتفاق، وذهب الفارسي وابن جني إلى الجواز، مستدلين بقوله تعالى: {أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ}(٣) وذلك لأن «يوم» متعلق بمصروفا، وقد تقدم على ليس، وتقدّم المعمول يؤذن بجواز تقدّم العامل(٤) والجواب: أنهم توسّعوا في الظروف ما لم يتوسّعوا في غيرها، ونقل عن سيبويه القول بالجواز، والقول بالمنع.
  * * * ص - وتختصّ الخمسة الأول بمرادفة صار.
= الثاني: أن يكون تقديمه واجبا، وذلك كأن يكون الخبر مما له الصدارة كأسماء الاستفهام نحو «كيف كان زيد» وأسماء الشرط نحو «أينما يكن زيد أكن».
النوع الثالث: أن يكون التقديم ممتنعا، وذلك في الموضع الذي يجب فيه توسيط الخبر، وقد بيناه فيما مر قريبا.
(١) من الآية ٤٠ من سورة سبأ.
(٢) وذلك لأن الأصل أن يقع العامل قبل المعمول، فإذا وقع المعمول في مكان ما علمنا أن هذا المكان هو مكان العامل، والعامل هنا هو «يعبدون» والمعمول هو «إياكم» وجملة «يعبدون» خبر كان.
(٣) من الآية ٨ من سورة هود.
(٤) انظر الهامش رقم (٢) في هذه الصفحة.