[إذا خففت «كأن» عملت، وقد يذكر اسمها، ويجب إن كان خبرها فعلا أن يفصل بينها وبينه بلم أو قد]
  وإن كان فعلا وجب أن يفصل منها(١)، إما بلم أو قد؛ فالأول كقوله تعالى: {كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ}(٢)، وقول الشاعر:
  ٦١ - كأن لم يكن بين الحجون إلى الصّفا ... أنيس، ولم يسمر بمكّة سامر
= محذوف، والتقدير: ولها صدر، مثلا، ومن جره فعلى أن الواو واو رب، وصدر: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد «مشرق» صفة لصدر، ومشرق مضاف و «اللون» مضاف إليه «كأن» حرف تشبيه ونصب، واسمه ضمير محذوف، والتقدير: كأنه، أي: الحال والشأن «ثدياه» ثديا: مبتدأ، مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى، وثديا مضاف والهاء ضمير الغائب العائد إلى الصدر مضاف إليه، مبني على الضم في محل جر «حقان» خبر المبتدأ، مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى، والنون عوض عن التنوين في الاسم المفرد، والجملة من المبتدأ والخبر في محل رفع خبر كأن.
الشاهد فيه: قوله «كأن ثدياه حقان» حيث خفف كأن، وحذف اسمها، وجاء بخبرها جملة من مبتدأ وخبر وهي قوله «ثدياه حقان» ولم يفصل بين كأن هذه وبين الجملة الواقعة خبرا بفاصل.
ومثل هذا البيت في عدم الفصل بين كأن المخففة وخبرها قول مجمع بن هلال:
عبأت له رمحا طويلا وألّة ... كأن قبس يعلى بها حين تشرع
وكذلك قول ذي الرمة:
تمشّى بها الدّرماء تسحب نفسها ... كأن بطن حبلى ذات أونين متئم
(١) إنما وجب الفصل بين كأن المخففة وبين خبرها إذا كان جملة فعلية بقد عند الإثبات أو بلم عند النفي، لكي يظهر من أول وهلة الفرق بين كأن الدالة على التشبيه والتي أصلها تشديد النون، وبين كأن المركبة من حرفين أحدهما الكاف التي هي حرف جر وثانيهما أن المصدرية التي تنصب الفعل المضارع، فإذا رأيت «لم» أو «قد» علمت أن «كأن» السابقة على أحد هذين الحرفين من أخوات إن وهي مخففة من الثقيلة، وإذا لم تجد أحد الحرفين وبعدها فعل علمت أن كأن مركبة من الكاف الجارة وأن المصدرية.
(٢) من الآية ٢٤ من سورة يونس.
٦١ - هذا البيت من كلام مضاض بن عمرو الجرهمي، يقوله حين أجلتهم خزاعة عن مكة.
اللغة: «الحجون» بفتح الحاء المهملة بعدها جيم موحدة - هو جبل بأعلى مكة فيه مدافن أهلها «الصفا» جبل آخر في مكة قبالة المسجد الحرام، تخرج له من المسجد من باب سموه باب الصفا، ويبدأ من هذا الجبل السعي في الحج «أنيس» أراد به إنسانا «لم يسمر سامر» أراد لم يجتمع جماعة يتسامرون ويتحدثون.
المعنى: يتحزن على مغادرتهم بلادهم وإجلائهم عنها؛ فيقول: إننا بعد أن فارقناها صرنا غرباء عنها، وكأننا لم نسكن بقاعها، ولم نجتمع في نواديها.
الإعراب: «كأن» حرف تشبيه ونصب مخفف من المثقل «لم» حرف نفي وجزم وقلب «يكن» فعل =