[«لا» النافية للجنس وشروط عملها]
  زيد في الدار، ولا عمرو»، ومثال الثاني: {لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ}(١).
  وإذا استوفت الشروط فلا يخلو اسمها: إما أن يكون مضافا، أو شبيها به، أو مفردا.
  فإن كان مضافا أو شبيها به ظهر النصب فيه، فالمضاف كقولك: «لا صاحب علم ممقوت» و «لا صاحب جود مذموم».
  والشبيه بالمضاف: ما اتّصل به شيء من تمام معناه: إما مرفوع به، نحو: «لا قبيحا فعله ممدوح» أو منصوب به، نحو: «لا طالعا جبلا حاضر» أو مخفوض بخافض يتعلق به، نحو: «لا خيرا من زيد عندنا».
  وإن كان مفردا - أي غير مضاف ولا شبيه به - فإنه يبنى على ما ينصب به لو كان معربا(٢)، فإن كان مفردا أو جمع تكسير بني على الفتح، نحو: «لا رجل» و «لا رجال»، وإن كان مثنى أو جمع مذكر سالما فإنه يبنى على الياء كما ينصب بالياء، تقول: «لا رجلين» و «لا مسلمين عندي»، وإن كان جمع مؤنث سالما بني على الكسر، وقد يبنى على الفتح، نحو: «لا مسلمات في الدار» وقد روي بالوجهين قول الشاعر:
  ٦٥ - لا سابغات ولا جأواء باسلة ... تقي المنون لدى استيفاء آجال
  * * *
(١) الآية ٤٧ من سورة الصافات.
(٢) وقد اختلف العلماء في العلة التي من أجلها بني اسم لا المفرد، فذهب ابن عصفور إلى أن علة البناء هو تضمن معنى الحرف؛ فقد أعلمتك قريبا أن قولك: «لا رجل» في قوة قولك: «لا من رجل» وقد اعترض العلماء على هذا الكلام بأن المتضمن لمعنى «من» هو «لا» نفسها، لا اسمها الذي يقع بعدها، ونحن نطلب العلة لبناء الاسم، فأما «لا» فلا كلام لنا فيها الآن، وهي في ذاتها حرف مبني على ما هو الأصل في الحروف، وقد اضطر بعض المحققين إلى أن يدعي أن اسم «لا» هو الذي تضمن معنى من الاستغراقية، ولا تتم له هذه الدعوى، ومن أجل ذلك ذهب كثير من المحققين إلى أن علة بناء اسم لا أن لا واسمها تركبا معا كتركب خمسة عشر، ولهذا يجعلونهما معا في قوة المبتدأ.
فإن قلت: فلماذا أعرب اسم لا إذا كان مضافا أو شبيها بالمضاف؟ فالجواب عن هذا من وجهين: الأول أن الإضافة كما علمت مرارا من خصائص الأسماء، فوجودها يعارض سبب البناء، والثاني أنه لا يمكن تركيب لا مع الاسم المضاف؛ لأنهم لا يركبون ثلاثة أشياء.
٦٥ - لم أجد أحدا نسب هذا البيت إلى قائل معين، وقد أنشده الأشموني (رقم ٢٩٧) وشرحناه هناك شرحا وافيا. =