شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الإلغاء، والتعليق، ومعنى كل منهما، وبيان الفرق بينهما]

صفحة 197 - الجزء 1

  ووجد⁣(⁣١)، كقوله تعالى: {تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً}⁣(⁣٢)

  وعلم⁣(⁣٣)، كقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ}⁣(⁣٤).

  * * * ومن أحكام هذه الأفعال أنه يجوز فيها: الإلغاء، والتعليق⁣(⁣٥).

[الإلغاء، والتعليق، ومعنى كل منهما، وبيان الفرق بينهما]

  فأما الإلغاء فهو عبارة عن «إبطال عملها في اللفظ والمحلّ» لتوسّطها بين المفعولين، أو تأخرها عنهما.

  مثال توسطها بينهما قولك: «زيدا ظننت عالما» بالإعمال، ويجوز «زيد ظننت عالم» بالإهمال، قال الشاعر:

  ٧١ - أبالأراجيز يا بن اللّؤم توعدني ... وفي الأراجيز خلت اللّؤم والخور؟


= مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، أولهما ياء المتكلم، وثانيهما قوله «شيخا» وقد تبين لك ذلك من إعراب البيت.

(١) الأصل في «وجد» أنه وضع للدلالة على إصابة الشيء على صفة، ولما كان نفس العلم بهذه الصفة لازما لهذا المعنى استعملوا وجد في الدلالة على معنى علم وهو اليقين، لأن كل إنسان وجد شيئا على صفة ما فقد علم هذا الشيء متصفا بها، وقد تأتي وجد بمعنى حزن، كما قد تأتي بمعنى حقد، وهي في هاتين الحالتين لا تتعدى أصلا.

(٢) من الآية ٢٠ من سورة المزمل.

(٣) الأصل في «علم» أنه يدل على اليقين نحو قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ} وقد يأتي دالّا على معنى ظن وهو الرجحان، ومنه الآية التي تلاها الشارح.

(٤) من الآية ١٠ من سورة الممتحنة.

(٥) اعلم أن بين الإلغاء والتعليق فرقا في المعنى وفي الحكم.

فأما الفرق بينهما في المعنى فقد تكفل الشارح ببيانه؛ فذكر أن الإلغاء معناه إبطال العمل لفظا ومحلّا، وأن التعليق معناه إبطال العمل في اللفظ فقط.

وأما الفرق بينهما في الحكم فحاصله أن الإلغاء جائز؛ فكل موضع جاز فيه الإلغاء فإنه يجوز فيه الإعمال، فأما التعليق فإنه واجب، فلا يجوز الإعمال في موضع من مواضعه.

٧١ - هذا البيت من كلام منازل بن ربيعة المنقري.

اللغة: «الأراجيز» جمع أرجوزة - بضم الهمزة - وهي ما كان من الشعر على وزن بحر الرجز، ويقال لما لم يكن من هذا البحر: قصيدة، وهما متقابلان، وقد كان من الشعراء رجاز لا يقولون غير الرجز كرؤية والعجاج أبيه، وكان منهم من يقول القصيد ولا يقول الرجز وكان منهم من يقول الرجز =