شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[الإلغاء، والتعليق، ومعنى كل منهما، وبيان الفرق بينهما]

صفحة 198 - الجزء 1

  فاللؤم: مبتدأ مؤخر، و «في الأراجيز» في موضع رفع؛ لأنه خبر مقدّم، وألغيت «خلت» لتوسطها بينهما، وهل الوجهان سواء، أو الإعمال أرجح؟ فيه مذهبان⁣(⁣١).

  ومثال تأخّرها عنهما قولك: «زيد عالم ظننت» بالإهمال، وهو الأرجح بالاتفاق، ويجوز «زيدا عالما ظننت» بالإعمال، قال الشاعر:

  ٧٢ - القوم في أثري ظننت، فإن يكن ... ما قد ظننت فقد ظفرت وخابوا


= والقصيد جميعا، وانظر إلى قول الراجز:

... أرجزا تريد أم قصيدا ...

«توعدني» تتهددني، وهو مضارع أوعد، ولا يقال «أوعده» من غير ذكر الموعد به إلا أن يكون الموعد به شرّا.

الإعراب: «أبالأراجيز» الهمزة للاستفهام، والباء حرف جر، والأراجيز: مجرور بالباء، والجار والمجرور متعلق بقوله توعدني الآتي «يا» حرف نداء «ابن» منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، وابن مضاف و «اللؤم» مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة «توعدني» توعد: فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والنون للوقاية، والياء مفعول به «وفي الأراجيز» الواو واو الحال، وفي: حرف جر، الأراجيز: مجرور بفي، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم «خلت» خال: فعل ماض، وتاء المتكلم فاعل مبني على الضم في محل رفع، والجملة من الفعل - الذي هو خال - والفاعل لا محل لها من الإعراب معترضة بين المبتدأ وخبره «اللؤم» مبتدأ مؤخر، مرفوع بالضمة الظاهرة «والخور» معطوف على اللؤم والمعطوف على المرفوع مرفوع.

الشاهد فيه: قوله «وفي الأراجيز خلت اللؤم» حيث توسط «خال» مع فاعله بين المبتدأ الذي هو قوله «اللؤم» والخبر الذي هو قوله «في الأراجيز» فلما توسط الفعل بينهما ألغي عن العمل فيهما، ولولا هذا التوسط لنصبهما البتة؛ فكان يقول: وخلت اللؤم والخور في الأراجيز، بنصب اللؤم على أنه مفعول أول، ونصب محل الجار والمجرور على أنه المفعول الثاني.

(١) إذا توسط العامل بين المبتدأ والخبر - سواء أكان الخبر مقدما (كما في البيت ٧١) أم كان مؤخرا - فإنه يجوز الإعمال على الأصل، ويجوز الإهمال، وهل الإعمال أرجح أم الإهمال؟ ذهب الجمهور إلى أنه يجوز كل واحد منهما من غير ترجيح لأحدهما على الآخر، لأن لكل واحد منهما مرجحا، فيرجح الإعمال بأنه الأصل، ويرجح الإلغاء لأن العامل هنا لفظي، ولو أهملناه لكنا قد أعملنا الابتداء وهو عامل معنوي، ولا شك أن العامل اللفظي أقوى من العامل المعنوي، وظاهر عبارة ابن هشام في أوضح المسالك أنه يختار هذا الرأي، وهو أن الإعمال عند التوسط أرجح من الإلغاء.

٧٢ - لم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين.

اللغة: «في أثري» بفتح الهمزة والثاء - معناه خلفي، يريد أنهم يتعقبونه «خابوا» لم ينجحوا فيما =