[يجوز في الاسم المتقدم الرفع والنصب]
  فأعطه» و «خالد مكسور فلا تهنه» وهذا قول سيبويه، وقال المبرد: أل موصولة بمعنى الذي، والفاء جيء بها لتدلّ على السّببيّة، كما في قولك: «الذي يأتيني فله درهم»، وفاء السببية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها، وقد تقدّم أن شرط هذا الباب أن الفعل لو سلّط على الاسم لنصبه.
  (٢) ومنها: أن يكون الاسم مقترنا بعاطف مسبوق بجملة فعلية(١)، كقولك: «قام زيد وعمرا أكرمته»، وذلك لأنك إذا رفعت كانت الجملة اسمية؛ فيلزم عطف الاسمية على الفعلية، وهما متخالفان، وإذا نصبت كانت الجملة فعلية؛ لأن التقدير:
  وأكرمت عمرا أكرمته، فتكون قد عطفت [جملة] فعلية على فعلية، وهما متناسبان، والتناسب في العطف أولى من التخالف؛ فلذلك رجّح النصب، قال اللّه تعالى:
  {خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ، وَالْأَنْعامَ خَلَقَها}(٢) أجمعوا على نصب {الْأَنْعامَ} لأنها مسبوقة بالجملة الفعلية - وهي: {خَلَقَ الْإِنْسانَ.}
  (٣) ومنها: أن يتقدّم على الاسم أداة الغالب عليها أن تدخل على الأفعال(٣)، كقولك:
  «أزيدا ضربته»، و «ما زيدا رأيته»، قال تعالى: {أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ}(٤).
(١) يشترط في ترجيح النصب في هذا النوع ألا يفصل بين حرف العطف والاسم الذي يليه بأما، فإن فصل بينهما بأما تعين رفع الاسم الواقع بعد أما، نحو قولك: «أكرمت عليا وأما بكر فأهنته» والسر في ذلك أن «أما» موضوعة على أن يستأنف بها الكلام؛ فما بعدها مقطوع في الأحكام الإعرابية عما قبلها، ومن هنا تعلم أن الواو التي قبل أما ليست للعطف، بل هي للاستئناف، ومتى كانت الواو للاستئناف والجملة التي بعدها مستأنفة لم يلزم عند أحد من النحاة تناسب ما قبلها وما بعدها في الفعلية أو الاسمية.
ومحل هذا الكلام كله ما لم يوجد مع الاسم الذي بعد أما ما يترجح معه النصب كأن يكون بعده فعل طلب، وذلك كأن تقول: «لقيت زيدا وأما عمرا فاضربه» فهذا يجوز فيه الأمران النصب والرفع على السواء، لأن لكل منهما مرجحا.
والحاصل: أن الجملة التي بعد أما مستقلة عما قبلها، فتأخذ أحكامها باعتبار نفسها، ولا ينظر إلى ما تقدم عليها.
(٢) من الآيتين ٤ و ٥ من سورة النحل.
(٣) ههنا شيئان لا بد أن ننبهك إليهما، الأمر الأول: أن الأدوات التي يغلب دخولها على الأفعال خمسة: همزة الاستفهام، وإن وما ولا النافيات، وحيث المجردة من ما، والأمر الثاني: يشترط لترجيح النصب في هذا النوع ألا يفصل بين همزة الاستفهام ونحوها وبين الاسم بغير ظرف، فإن فصل بينهما غير الظرف نحو قولك: «أأنت زيد تضربه» ترجح الرفع، أما الفصل بالظرف نحو «أأمام الأستاذ زيد تضربه» فالنصب راجح.
(٤) من الآية ٢٤ من سورة القمر.