[يترجح رفعه فيما لم يذكر في أحد الأحوال السابقة]
  النصب؛ لأنه يقتضي تقدير الفعل، وإذا الفجائية لا تدخل إلا على الجملة الاسمية(١).
  * * *
[قد يستوي رفعه ونصبه وضابط ذلك]
  وأما الذي يستويان فيه فضابطه: «أن يتقدّم على الاسم عاطف، مسبوق بجملة فعلية، مخبر بها عن اسم قبلها» كقولك: «زيد قام أبوه، وعمرا أكرمته» وذلك لأن «زيد قام أبوه» جملة كبرى ذات وجهين، ومعنى قولي: «كبرى» أنها جملة في ضمنها جملة، ومعنى قولي: «ذات وجهين» أنها اسميّة الصّدر، فعليّة العجز، فإن راعيت صدرها رفعت «عمرا»، وكنت قد عطفت جملة اسمية على جملة اسمية، وإن راعيت عجزها نصبته، وكنت قد عطفت جملة فعلية على جملة فعلية؛ فالمناسبة حاصلة على كلا التقديرين؛ فاستوى الوجهان.
[يترجح رفعه فيما لم يذكر في أحد الأحوال السابقة]
  وأما الذي يترجّح فيه الرّفع فما عدا ذلك، كقولك: «زيد ضربته»، قال اللّه تعالى:
  {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها}(٢)، أجمعت السبعة على رفعه، وقرئ، شاذا بالنصب، وإنما يترجّح الرفع في ذلك لأنه الأصل، ولا مرجّح لغيره.
  * * * وليس منه قوله تعالى: {وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ}(٣)، لأن تقدير تسليط الفعل على ما قبله إنما يكون على حسب المعنى المراد، وليس المعنى هنا أنهم فعلوا كل شيء في الزبر، حتى يصح تسليطه على ما قبله، وإنما المعنى وكلّ مفعول لهم ثابت في الزّبر، وهو مخالف لذلك المعنى؛ فالرفع هنا واجب، لا راجح، والفعل المتأخر، صفة للاسم؛ فلا يصح له أن يعمل فيه.
(١) بقي عليه من المواضع التي يجب فيها الرفع أن يقع الفعل المشتغل بالضمير بعد أداة لها صدر الكلام - والأدوات التي لها صدر الكلام هي حروف الاستفهام، وما النافية، وأدوات الشرط - كأن تقول: «زيد هل أكرمته» أو تقول: «زيد ما لقيته» أو تقول: «زيد إن لقيته أكرمته» والسر في وجوب الرفع في هذه المثل ونحوها أن كل ما له صدر الكلام لا يجوز أن يعمل ما قبله فيما بعده؛ لأنه قطع ما قبله عما بعده باستحقاقه للصدارة، إذ لو عمل ما قبله فيما بعده لكان هو حشوا، ومن المقرر أن ما لا يعمل لا يفسر العامل.
(٢) من الآية ٢٣ من سورة الرعد.
(٣) من الآية ٥٢ من سورة القمر.