[المفعول له]
  فإن الذكرى هي علّة عروّ الهزّة، وز منهما واحد، ولكن اختلف الفاعل؛ ففاعل العروّ هو الهزّة، وفاعل الذكرى هو المتكلم؛ لأن المعنى لذكري إياك؛ فلما اختلف الفاعل خفض باللام، وعلى هذا جاء قوله تعالى: {لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً}(١) فإنّ {لِتَرْكَبُوها} بتقدير لأن تركبوها، وهو علة لخلق الخيل والبغال والحمير، وجيء به مقرونا باللام لاختلاف الفاعل؛ لأن فاعل الخلق هو اللّه سبحانه وتعالى، وفاعل الركوب بنو آدم، وجئ بقوله جل ثناؤه: {وَزِينَةً} منصوبا؛ لأن فاعل الخلق والتزيين هو اللّه تعالى.(٢)
= من ظهورها التعذر، والجار والمجرور متعلق بتعرو، وذكرى مضاف والكاف ضمير المخاطبة مضاف إليه، مبني على الكسر في محل جر، والإضافة من إضافة المصدر لمفعوله «هزة» فاعل تعرو، مرفوع بالضمة الظاهرة، والجملة من تعرو وفاعله ومفعوله في محل رفع خبر إن «كما» الكاف حرف جر، ما: مصدرية «انتفض» فعل ماض «العصفور» فاعل انتفض، وما المصدرية مع ما دخلت عليه في تأويل مصدر مجرور بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف صفة لهزة، والتقدير: هزة كائنة كانتفاض العصفور «بلله» بلل: فعل ماض، والهاء ضمير الغائب العائد إلى العصفور مفعول به «القطر» فاعل بلل، والجملة من هذا الفعل والفاعل والمفعول في محل نصب حال من العصفور على تقدير قد عند جمهور البصريين.
الشاهد فيه: قوله «لذكراك» فإن اللام حرف جر دال على التعليل، والتذكر علة لعرو الهزة، ووقت التذكر هو وقت عرو الهزة لكن لما كان العامل الذي هو تعروني له فاعل غير فاعل التذكر وجب جر العلة بحرف التعليل، ولم يجز أن ينصب على أنه مفعول لأجله؛ لأن من شرط نصبه على ذلك أن يكون فاعله وفاعل عامله واحدا.
(١) من الآية ٨ من سورة النحل.
(٢) ههنا شيئان نريد أن ننبهك إليهما:
الأول: أن المفعول لأجله قد يتقدم وجوده على وجود مضمون عامله نحو قولك «قعدت عن الحرب جبنا» فإن وجود الجبن في نفسك سابق على وجود القعود عن الحرب، وقد يكون تصور المفعول لأجله سابقا على الفعل العامل فيه، نحو قولك «ضربت هذا الفتى تأديبا» فإنك تتصور التأديب أولا، ثم يبعثك ذلك إلى الضرب، وهكذا في كل مصدر يدل على غرض من الأغراض مع عامل يدل على ما اتخذ وسيلة لتحصيل هذا الغرض، وقد اعتبر العلماء - حتى الذين اشترطوا الشروط التي ذكرها المؤلف - هذه الأمثلة من المفعول لأجله؛ فكيف يتأتى هذا مع قولهم: إنه يجب أن يكون وقت الفعل ووقت المفعول لأجله واحدا؟
الأمر الثاني: أن أبا حيان | قد استثنى - مما اختلف فيه زمان العلة والمعلول أو اختلف فاعلاهما - ما إذا كان المصدر منسبكا بأن المؤكدة أو بأن المصدرية الناصبة للمضارع كما لو قلت «جئتك أن زيدا يكرمني» أو تقول «جئتك أن يكرمني زيد» فأجاز أن يكون هذا المصدر مفعولا لأجله، وأن يحذف حرف الجر أيضا، مع اختلاف الزمان والفاعل وأبو حيان في هذا تابع لابن مالك، وقد زاد بعض العلماء في هذا صورة المصدر المنسبك بكي المصدرية نحو «جئتك كي يكرمني زيد».