شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[المفعول فيه]

صفحة 257 - الجزء 1

  {وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ}⁣(⁣١)؛ لأنه وإن كان على معنى «في» لكنه ليس زمانا ولا مكانا.

  واعلم أن جميع أسماء الزمان تقبل النصب على الظرفية، ولا فرق في ذلك بين المختصّ منها والمعدود والمبهم، ونعني بالمختص ما يقع جوابا لمتى، كيوم الخميس، وبالمعدود ما يقع جوابا لكم، كالأسبوع والشهر والحول، وبالمبهم ما لا يقع جوابا لشيء منها، كالحين، والوقت⁣(⁣٢).

  وأن أسماء المكان لا ينتصب منها على الظرفية إلا ما كان مبهما.

  والمبهم ثلاثة أنواع⁣(⁣٣):

  أحدها: أسماء الجهات الست، وهي: الفوق، والتحت، والأعلى، والأسفل، واليمين، والشمال، وذات اليمين، وذات الشمال، والوراء، والأمام، قال اللّه تعالى:

  {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ}⁣(⁣٤) {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا}⁣(⁣٥) {وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ}⁣(⁣٦) {وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ}⁣(⁣٧) {وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ}⁣(⁣٨).

  وقولي: «وعكسهنّ» أشرت به إلى الوراء والتحت والشمال.

  وقولي: «ونحو هنّ» أشرت به إلى أن الجهات وإن كانت ستّا، لكن ألفاظها كثيرة.


(١) من الآية ١٢٧ من سورة النساء.

(٢) خير من هذا أن نقول لك: المبهم من الزمان ما دل على مقدار من الزمان غير معين أي لا يعرف أوله ولا آخره، نحو حين وزمان ولحظة وساعة ولفظ وقت، والمختص منه ما دل على مقدار معين معلوم الأول والآخر كأسماء الشهور وكالصيف والشتاء، وكل ما خص من الأزمنة بوصف أو إضافة أو اقتران بأل، والمعدود، ولو كان مثنى أو جمعا، كيومين وأيام وشهرين وشهور، وهلم جرا.

(٣) إنما جاز نصب اسم الزمان مطلقا ولم يجز نصب اسم المكان إلا إذا كان مبهما، لأن الفعل الذي هو الأصل في العمل يدل على الزمان دلالة قوية بسبب كون دلالته عليه مأخوذة في مفهومه فهي دلالة تضمنية، فأما دلالته على المكان فضعيفة لأنه يدل عليه لزوما؛ فقوي على نصب اسم الزمان بنوعيه المختص والمبهم بسبب قوة دلالته على الزمان، وضعف عن نصب المختص من اسم المكان بسبب ضعف دلالته على المكان.

(٤) من الآية ٧٦ من سورة يوسف.

(٥) من الآية ٢٤ من سورة مريم.

(٦) من الآية ٤٢ من سورة الأنفال.

(٧) من الآية ١٧ من سورة الكهف.

(٨) من الآية ٧٩ من سورة الكهف.