شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[للاسم الواقع بعد الواو ثلاث حالات]

صفحة 260 - الجزء 1

  تعالى: {وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ}⁣(⁣١).

  ومن النحويين من لم يشترط في المسألتين شيئا؛ فعلى قوله يجوز العطف؛ ولهذا قلت: «على الأصح فيهما».

  والثانية: أن يترجح المفعول معه على العطف، وذلك نحو قولك: «كن أنت وزيدا كالأخ» وذلك لأنك لو عطفت «زيدا» على الضمير في «كن» لزم أن يكون زيد مأمورا، وأنت لا تريد أن تأمره، وإنما تريد أن تأمر مخاطبك بأن يكون معه كالأخ.⁣(⁣٢)

  * * * قال الشاعر:

  ١٠٣ - فكونوا أنتم وبني أبيكم ... مكان الكليتين من الطّحال


(١) من الآية ٢٢ من سورة المؤمنين.

(٢) ههنا أمران يتعلقان بهذا المثال والتعليل الذي ذكره الشارح له:

الأمر الأول: أنه قد اعترض على هذا بأن مقتضى هذا التعليل أنه لا يجوز العطف أصلا لأنه يفيد معنى غير المعنى الذي يريده المتكلم بهذا المثال، ويمكن أن يجاب عن هذا الاعتراض بأنه إنما أراد أن يعلل لما يجوز ولما يمتنع من جهة الصناعة، والصناعة النحوية تتعلق بالألفاظ العربية، ومحصل التعليل على هذا التوجيه أن الصناعة لا تأبى جواز العطف؛ إذ لا مانع في اللفظ منه، وهذا لا ينافي أنه يمتنع من جهة المحافظة على المعنى المراد.

الأمر الثاني: أن ظاهر كلام الشارح أنه إذا جاز العطف في هذا المثال كان من عطف المفرد على المفرد، نعني أن يكون «زيد» معطوفا على الضمير المستتر في «كن» وهذا يخالف ما جعله النحاة كالأصل في جواز العطف وذلك بأن يكون الاسم المعطوف صالحا لأن يباشر العامل، وههنا لا يصح ذلك؛ لأن العامل فعل أمر، وهذا المعطوف اسم ظاهر، وقد علمنا أن فعل الأمر لا يكون فاعله اسما ظاهرا فلا تقول «قم زيد» ويمكن أن يجاب عن هذا بأنه يغتفر في التابع ما لا يغتفر في المتبوع، وقد قرروا أن «زوجك» في قوله تعالى: {اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ ...} معطوف على فاعل اسكن مع أنه لا يصلح لمباشرة العامل.

١٠٣ - لم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٢٥٧) والأشموني في باب المفعول معه (رقم ٤٤٠) كما أنشده سيبويه في الكتاب (١ - ١٥٠) وكما أنشده جار اللّه الزمخشري في المفصل (١ - ١٦٣ بتحقيقنا) وقد ورد عجزه في كلمة للأقرع القشيري.

اللغة: «الكليتين» تثنية كلية - بضم الكاف وسكون اللام - وهي لحم أحمر لاصق بعظم الصلب عند الخاصرتين «الطحال» بوزن كتاب - وهو دم منعقد، وهو من مشمولات الحشا.

الإعراب: «كونوا» فعل أمر ناقص مبني على حذف النون، وواو الجماعة اسمه مبني على السكون في محل رفع «أنتم» ضمير منفصل مؤكد للضمير المتصل «وبني» الواو واو المعية، بني: مفعول معه، =