[المستثنى بإلا وأحواله، وحكم كل منها]
  وسيبويه - ¦! - يمنع أن يقال: «نعم الرّجل رجلا زيد» وتأوّلوا «فحلا» في البيت على أنه حال مؤكدة.
  والشواهد على جواز المسألة كثيرة، فلا حاجة إلى التأويل، ودخول التمييز في باب نعم وبئس أكثر من دخول الحال.
  * * *
[المستثنى بإلا وأحواله، وحكم كل منها]
  ص - والمستثنى بإلّا من كلام تامّ موجب، نحو: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} فإن فقد الإيجاب ترجّح البدل في المتّصل، نحو: {ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ} والنّصب في المنقطع عند بني تميم، ووجب عند الحجازيّين، نحو: {ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ} ما لم يتقدّم فيهما فالنّصب، نحو قوله:
  وما لي إلّا آل أحمد شيعة ... وما لي إلّا مذهب الحقّ مذهب
  أو فقد التّمام فعلى حسب العوامل، نحو: {وَما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ} ويسمّى مفرّغا.
  ش - من المنصوبات: المستثنى في بعض أقسامه.
  والحاصل أنه إذا كان الاستثناء بإلّا، وكانت مسبوقة بكلام تامّ، موجب، وجب بمجموع هذه الشروط الثلاثة نصب المستثنى، سواء كان الاستثناء متصلا، نحو: «قام القوم إلا زيدا» وقوله تعالى: {فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ}(١)، أو منقطعا، كقولك: «قام
= الشاهد فيه: قوله «فحلا» فإنه عند المبرد تمييز، على ما عرفت في الإعراب، وهو مؤكد؛ لانفهام معناه مما سبقه، وفي البيت اجتماع التمييز مع الفاعل الظاهر في باب «نعم»، وهو مما لا يجيزه سيبويه وجمهور النحاة، وعندهم أن الفاعل في باب «نعم» إذا كان اسما ظاهرا اكتفي به، وإذا كان ضميرا مستترا فيه وجب تمييزه بنكرة على ما مضى بيانه في باب الفاعل من هذا الكتاب، وفي المسألة قولان آخران، أحدهما: أنه يجوز الجمع بين الفاعل والتمييز مطلقا كما في بيت الشاهد، وهو رأي أبي العباس المبرد وجماعة، وثانيهما: إن كان التمييز لا يفيد إلا المعنى الذي يفيده الفاعل - كما في بيت الشاهد - لم يجز الجمع بينهما، وإن أفاد التمييز معنى زائدا على المعنى الذي يفيده الفاعل جاز الجمع بينهما، كما في قول الشاعر:
تخيّره فلم يعدل سواه ... فنعم المرء من رجل تهام
(١) من الآية ٢٤٩ من سورة البقرة.
فإن قلت: التمثيل بهذه الآية يدل على أن نصب المستثنى فيها واجب لا يجوز غيره، وقد قرأ بعض القراء برفع =