[اسم الفاعل، وشروط إعماله]
  وإن كان مجردا منها فإنما يعمل بشرطين.(١)
  أحدهما: أن يكون بمعنى الحال أو الاستقبال، لا بمعنى المضيّ، وخالف في ذلك الكسائيّ وهشام وابن مضاء(٢)؛ فأجازوا إعماله إن كان بمعنى الماضي، واستدلوا بقوله تعالى: {وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ بِالْوَصِيدِ}(٣)، وأجيب بأن ذلك على إرادة حكاية الحال، ألا ترى أن المضارع يصحّ وقوعه هنا، تقول: وكلبهم يبسط ذراعيه. ويدلّ على إرادة حكاية الحال أن الجملة حالية والواو واو الحال، وقوله سبحانه وتعالى: {وَنُقَلِّبُهُمْ} ولم يقل وقلّبناهم.
  الشرط الثاني: أن يعتمد على نفي، أو استفهام أو مخبر عنه، أو موصوف. مثال النفي قوله:
  ٣٨ - ... خليليّ ما واف بعهدي أنتما ...
= الإعراب: «القاتلين» صفة لقوله مالكا وكاهلا في البيت السابق عليه، وهو الذي أنشدناه، منصوب بالياء نيابة عن الفتحة؛ لأنه جمع مذكر سالم «الملك» مفعول به للقاتلين؛ لأن القاتلين جمع اسم الفاعل الذي يعمل عمل الفعل «الحلاحل» صفة للملك، وصفة المنصوب منصوبة، والألف للإطلاق «خير» صفة ثانية للملك، وخير مضاف و «معد» مضاف إليه «حسبا» تمييز «ونائلا» معطوف على قوله حسبا.
الشاهد فيه: قوله: «القاتلين الملك» حيث أعمل اسم الفاعل، وهو قوله «القاتلين» في المفعول به، مع كونه دالّا على المضي؛ لأنهم قتلوه من قبل، وإنما أعمله مع ذلك لكونه محلى بأل، ولو كان مجردا منها لما أعمله.
(١) ذهب جمهور النحاة إلى أنه يشترط لإعمال اسم الفاعل شرطان آخران غير الشرطين اللذين ذكرهما المؤلف:
الأول: ألا يكون مصغرا، فلا يجوز أن تقول «زيد ضويرب عمرا» وأما قولهم «أظنني مرتحلا وسويرا فرسخا» وسوير: تصغير سائر، وأصله سويئر، فسهلت الهمزة بقلبها ياء ثم أدغمت في ياء التصغير، فلا يخالف ما شرطوه؛ لأن «فرسخا» منصوب على الظرفية، وليس مفعولا به، والكلام في نصبه المفعول به.
والشرط الثاني: ألا يكون موصوفا؛ فإن وصف لم ينصب المفعول به، أما قول الشاعر:
إذا فاقد خطباء فرخين رجّعت ... ذكرت سليمى في الخليط المزايل
حيث يدل ظاهره على أنه أعمل قوله «فاقد» في قوله «فرخين» فنصبه به مع كونه موصوفا بقوله «خطباء» فإنه ليس على ما يقتضيه الظاهر، وإنما قوله «فرخين» معمول لفعل محذوف، والتقدير: فقدت فرخين.
(٢) في نسخة «ابن جني».
(٣) من الآية ١٨ من سورة الكهف.
٣٨ - قد مضى قولنا في هذا البيت، وبينا وجه الاستشهاد به، انظر مباحث المبتدأ والخبر الماضية.