شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[التوابع خمسة:]

صفحة 315 - الجزء 1

  الكحل. وضابطها: أن يكون في الكلام نفي، بعده اسم جنس، موصوف باسم التفضيل، بعده اسم مفضّل على نفسه باعتبارين، مثال ذلك قولهم: «ما رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد» وقول الشاعر:

  ١٣٢ - ما رأيت امرأ أحبّ إليه الب ... ذل منه إليك يا ابن سنان

  وكذلك لو كان مكان النفي استفهام، كقولك: «هل رأيت رجلا أحسن في عينه الكحل منه في عين زيد؟» أو نهي نحو: «لا يكن أحد أحبّ إليه الخير منه إليك».

  * * *

[التوابع خمسة:]

  ص - باب التّوابع: يتبع ما قبله في إعرابه خمسة.

  ش - التوابع عبارة عن الكلمات التي لا يمسّها الإعراب إلا على سبيل التّبع لغيرها⁣(⁣١)، وهي خمسة: النعت، والتأكيد، وعطف البيان، وعطف النسق، والبدل،


١٣٢ - لم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وقد يتوهم أنه لزهير بن أبي سلمى المزني، لذكر ابن سنان فيه، وممدوح زهير هو هرم بن سنان المري، ولكنه ليس من شعر زهير الذي رواه وشرحه الأعلم الشنتمري، وأحمد بن يحيى ثعلب.

اللغة: «البذل» العطاء والجود.

الإعراب: «ما» نافية «رأيت» فعل وفاعل «امرأ» مفعول به لرأى «أحب» نعت لامرأ «إليه» جار ومجرور متعلق بأحب «البذل» فاعل أحب «منه، إليك» جاران ومجروران يتعلقان بأحب «يا» حرف نداء «ابن» منادى منصوب بالفتحة الظاهرة، وابن مضاف و «سنان» مضاف إليه.

الشاهد فيه: قوله «أحب ... البذل» حيث رفع أفعل التفضيل، الذي هو قوله: «أحب»، الاسم الظاهر غير السببي، وهو قوله «البذل» لكون اسم التفضيل وقع وصفا لاسم جنس، وهو قوله «امرأ» واسم الجنس مسبوق بنفي، وهو المذكور في قوله: «ما رأيت» والفاعل الظاهر اسم مفضل على نفسه باعتبارين، ألا ترى أن «البذل» باعتبار كونه محبوبا لابن سنان أفضل منه باعتبار كونه محبوبا لغيره، وهذا الذي يعبر العلماء عنه بمسألة الكحل.

(١) لم يعرف الشيخ «التابع» بالتعريف المشهور بين النحاة، وإنما ذكر عبارة قريبة على المبتدئين لتكون تقدمة لذكر أقسام التابع، وأما ما اشتهر عند النحاة فهو قولهم «التابع: هو المشارك لما قبله في إعرابه الحاصل والمتجدد وليس خبرا» فالمشارك لما قبله في إعرابه جنس في التعريف يشمل التوابع وغيرها مما ستعرفه، وقولنا «الحاصل» فصل أول يخرج به الحال والتمييز إذا كان صاحبهما منصوبا، والمفعول الثاني من باب «أعطى» فإنك لو رفعت أول المفعولين نيابة عن الفاعل لم يتبعه الثاني في الرفع، بل يبقى منصوبا، وقولهم «وليس خبرا» فصل ثالث يخرج به الخبر الثاني في نحو قولك «الرمان حلو حامض» فإنه يشارك الأول في إعرابه الحاصل والمتجدد لكنه ليس تابعا، وإنما هو خبر.