شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[عطف البيان]

صفحة 331 - الجزء 1

[عطف البيان]

  ص - وعطف البيان، وهو: تابع، موضّح أو مخصّص، جامد، غير مؤوّل.

  ش - هذا الباب الثالث من أبواب التوابع.

  والعطف في اللغة: الرّجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه، وفي الاصطلاح ضربان: «عطف نسق» وسيأتي، و «عطف بيان» والكلام الآن فيه.

  وقولي: «تابع» جنس يشمل التوابع الخمسة، وقولي: «موضح أو مخصص» مخرج للتأكيد، ك «جاء زيد نفسه» ولعطف النسق، ك «جاء زيد وعمرو» وللبدل كقولك: «أكلت الرّغيف ثلثه»، وقولي: «جامد» مخرج للنعت؛ فإنه وإن كان موضّحا في نحو: «جاء زيد التاجر» ومخصصا في نحو: «جاءني رجل تاجر» لكنه مشتق، وقولي: «غير مؤوّل» مخرج لما وقع من النعوت جامدا نحو: «مررت بزيد هذا» و «بقاع عرفج» فإنه في تأويل المشتق، ألا ترى أن المعنى مررت بزيد المشار إليه، وبقاع خشن⁣(⁣١).

  * * * ص - فيوافق متبوعه.

  ش - أعني بهذا أنّ عطف البيان - لكونه مفيدا فائدة النعت، من إيضاح متبوعه، وتخصيصه - يلزمه من موافقة المتبوع في التنكير والتذكير والإفراد⁣(⁣٢)، وفروعهن، ما يلزم في النعت.

  * * *


(١) ههنا أمران أحب أن أنبهك إليهما:

الأول: فائدة عطف البيان توضيح المعرفة، وتخصيص النكرة، وقد ذكر المؤلف هاتين الفائدتين.

ومن فوائده التوكيد، ومثاله قول الشاعر:

إنّي وأسطار سطرن سطرا ... لقائل يا نصر نصر نصرا

ومن فوائده أيضا المدح، وقد جعل الزمخشري في قوله تعالى: {جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ} البيت الحرام عطف بيان على الكعبة على جهة المدح.

والأمر الثاني: أن الأصل في النعت أن يكون مشتقا، وإذا جاء غير مشتق فهو في التأويل بمشتق، وعلى عكس ذلك عطف البيان، فإن الأصل فيه أن يكون جامدا، وقد يقع مشتقا، لكن بشرط أن يكون مسمى به مثل الصديق والفاروق والصعق والحارث.

(٢) أعرب الزمخشري {مَقامُ إِبْراهِيمَ} في قوله تعالى: {فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ} عطف بيان مع مخالفته لمتبوعه بالإفراد والتذكير، وأنكره الجماعة، وجعلوه مبتدأ خبره محذوف، أي منها مقام إبراهيم.