المقدمة
  الأزهر بإصلاح ما يمكنني إصلاحه من الكتب التي تدرس فيه، فقد واللّه، ساءني كما ساء كلّ محبّ للأزهر أن يضرب المثل في رداءة الطبع، واختيار أدنى أنواع الورق بالكتب الأزهرية، فيقال: «هذه طبعة أزهرية» ولا يكون للكتاب عيب يزدريه بعض القراء من أجله إلا أن حروفه صغيرة، أو أن ورقه أصفر، أو نحو ذلك.
  ورأيت - مع ذلك - كثيرا من أبنائنا من طلبة العلم في الأزهر يجأرون بالشكوى من كتب الدراسة، من غير أن يكون لذلك سبب في نظري غير رداءة الطبع وسوء الإخراج.
  وقد جئت من ذلك كلّه - والحمد للّه وحده - بما تقرّ به أعين المطلعين عليه، وترتاح له قلوب المنصفين من أهل العلم، وسميت هذه التحقيقات «سبيل الهدى، بتحقيق شرح قطر الندى».
  فإن كنت قد بلغت ما أردت، وكان هذا العرض الجميل باعثا على الانتفاع بالكتاب؛ فهذه رغبة طالما تمنيتها، وإن تكن الأخرى فللّه الأمر من قبل ومن بعد، واللّه وحده المسؤول أن يحسن جزاءنا، إنه السميع المجيب.
  وأهتبل هذه الفرصة فأضرع إلى اللّه تعالى أن يتغمّد برحمته ورضوانه والدي الذي دفعني إلى الحرص على تلقّي العلم وتحصيله، ولم يدّخر وسعا في تحريضي على أن أجعل ذلك أبلغ وكدي، وأجمل ما أقضي الوقت فيه، وأستاذي وشيخي الذي تلقّيت عليه هذا الكتاب فانتفعت بعلمه وخلقه وتديّنه، ®، وأجزل ثوابهما.
  هذا، وقد اتفق أن نفدت جميع نسخ الكتاب، ورغبت إليّ المكتبة التجارية الكبرى في إعادة طبعه، فاغتنمت هذه الفرصة لأزيد في شرحي على الكتاب زيادات علمية هامة، ولأجوّد ضبطه وتحقيقه، وأنا أرجو أن يكتب اللّه تعالى هذا العمل في سجلّ الحسنات، إنه وليّ ذلك.
  وفي هذه الطبعة الثالثة عشرة زدت في تحقيقاتي زيادات كثيرة ذات بال، رأيت أن تكون بين يدي طلبة العلم على طرف الثّمام؛ إذ كانت مما لا يستغنى عنها، وكانت العبارات الدالة عليها في كتب القوم فوق متناولهم.
  واللّه وحده وليّ الجزاء، ومنه المعونة.
  محمد محيي الدين عبد الحميد