شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[المسألة الثالثة: بعد فاء السببية في جواب نفي أو طلب]

صفحة 94 - الجزء 1

[المسألة الثالثة: بعد فاء السببية في جواب نفي أو طلب]

  المسألة الثالثة: بعد فاء السببية إذا كانت مسبوقة بنفي محض⁣(⁣١)، أو طلب بالفعل⁣(⁣٢).

  فالنّفي كقوله تعالى: {لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا}⁣(⁣٣)، وقولك: «ما تأتينا فتحدّثنا» واشترطنا كونه محضا احترازا من نحو «ما تزال تأتينا فتحدثنا» و «ما تأتينا إلا فتحدّثنا» فإن معناهما الإثبات، فلذلك وجب رفعهما، أما الأول فلأن «زال» للنفي وقد دخل عليه النفي، ونفي النّفي إثبات، وأما الثاني فلانتقاض النفي بإلّا.

  وأما الطلب فإنه يشمل الأمر كقوله:

  ١٨ - يا ناق سيري عنقا فسيحا ... إلى سليمان فنستريحا


= ماض وفاعله والجملة لا محل لها من الإعراب جواب إذا «كعوبها» كعوب: مفعول به لكسرت، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وكعوب مضاف وها مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر «أو» حرف بمعنى إلا مبني على السكون لا محل له من الإعراب «تستقيما» فعل مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد أو التي بمعنى إلا، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى كعوب، والألف للإطلاق.

الشاهد فيه: قوله «تستقيما» حيث نصب الفعل المضارع، وهو قوله «تستقيم» بأن المضمرة وجوبا بعد «أو» التي بمعنى إلا.

(١) خرج بكون الفاء للسببية أن تكون عاطفة على صريح الفعل أو أن تكون استثنافية، وشمل قوله «مسبوقة بنفي محض» النفي بالحرف كالآية الكريمة والمثالين اللذين ذكرهما المؤلف، والنفي بالفعل نحو «ليس زيد محبا فيخلص لك» والنفي بالاسم نحو «أنت غير محب فتخلص لنا» وخرج الإثبات من طريق النفي الذي ينتقض بدخوله على فعل يدل على النفي نحو «ما تزال تأتينا فتحدثنا» أو ينتقض بإلا نحو «ما تأتينا إلا فتحدثنا» لأن «زال» وفروعها تدل على النفي، وإلا تثبت لما بعدها ما نفيته عما قبلها، فيكون ظاهر الكلام وجود نفي، ولكن الحقيقة أن ما بعد الفاء في المثالين ونحوهما مثبت، وقد بين المؤلف ذلك.

(٢) اشتراط كون الطلب بالفعل يخرج ثلاثة أشياء: الأول: الطلب باسم الفعل نحو «صه فينام الناس» والثاني:

الطلب بالمصدر نحو «ضربا زيدا فيتأدب»، والثالث: الطلب بلفظ الخبر نحو «حسبك فيستريح الناس» أي حسبك السكوت مثلا، والخبر مع حسبك محذوف لا يظهر في الكلام الفصيح، وقد أجاز الكسائي النصب بعد الطلب بلفظ الخبر، كما أجاز النصب بعد الطلب باسم الفعل على ما حكاه المؤلف.

(٣) من الآية ٣٦ من سورة فاطر.

١٨ - البيت لأبي النجم العجلي، واسمه الفضل بن قدامة، وقد استشهد بهذا البيت المؤلف في أوضحه (رقم ٥٠١) وفي الشذور (رقم ١٥٠) والأشموني في باب إعراب الفعل، وابن عقيل (رقم ٣٢٤) =