[المسألة الرابعة: بعد واو المعية في جواب نفي أو طلب أيضا]
  واشترطت في الطلب أن يكون بالفعل احترازا من نحو قولك: «نزال فنكرمك» و «صه فنحدّثك» خلافا للكسائي في إجازة ذلك مطلقا، ولابن جنّيّ وابن عصفور في إجازته بعد «نزال» و «دراك» ونحوهما مما فيه لفظ الفعل، دون صه ومه ونحوهما مما فيه معنى الفعل دون حروفه(١)، وقد صرّحت بهذه المسألة في المقدمة في باب اسم الفعل.
[المسألة الرابعة: بعد واو المعية في جواب نفي أو طلب أيضا]
  المسألة الرابعة: بعد واو المعية، إذا كانت مسبوقة بما قدّمنا ذكره، مثال ذلك قوله تعالى: {وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ}(٢) [وقوله]: {يا لَيْتَنا نُرَدُّ
= وجوبا بعد فاء السببية، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت «ما» اسم موصول بمعنى الذي مفعول به لتبصر، مبني على السكون في محل نصب «قد» حرف دال على التحقيق «حدثوك» حدث:
فعل ماض مبني على فتح مقدر على آخره منع من ظهوره حركة المناسبة المأتي بها لأجل الواو، وواو الجماعة فاعل مبني على السكون في محل رفع، والكاف ضمير المخاطب مفعول به أول لحدث، مبني على الفتح في محل نصب، والمفعول الثاني محذوف، وهو ضمير غائب يعود إلى الاسم الموصول، وتقدير الكلام: فتبصر الذي حدثوكه، والجملة من الفعل وفاعله ومفعوليه لا محل لها من الإعراب صلة الموصول «فما» الفاء عاطفة، وما: نافية «راء» مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين منع من ظهورها الثقل «كمن» الكاف حرف جر، من: اسم موصول بمعنى الذي مبني على السكون في محل جر بالكاف، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر المبتدأ «سمعا» فعل ماض، مبني على الفتح لا محل له من الإعراب، والألف حرف دال على الإطلاق، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الاسم الموصول الذي هو من، والجملة من الفعل والفاعل لا محل لها من الإعراب صلة الموصول.
الشاهد فيه: قوله «فتبصر» حيث نصب الفعل المضارع الذي هو تبصر، بأن المضمرة وجوبا بعد فاء السببية الواقعة في جواب العرض المدلول عليه بقوله «ألا تدنو» والعرض: هو الطلب بلين ورفق، ومثل هذا الشاهد قول أمية ابن أبي الصلت (سيبويه ١ - ٤٢٠):
ألا رسول لنا منّا فيخبرنا ... ما بعد غايتنا من رأس مجرانا
(١) اسم فعل الأمر على ضربين: الأول قياسي، وهو: أن تصوغ من مصدر كل فعل ثلاثي اسما، على زنة فعال - بفتح الفاء والعين - وتبنيه على الكسر؛ للدلالة على الأمر فتقول من الضرب والنصر: ضراب، ونصار، كما قالوا في النزول: نزال، وهذا النوع هو المراد بما فيه لفظ الفعل: أي الحروف الأصلية التي يتألف منها، والثاني سماعي، وهو ألفاظ محفوظة وردت عن العرب نحو صه بمعنى اسكت ومه بمعنى انكفف، وهذا هو المراد بما فيه معنى الفعل دون حروفه، ألا ترى أن كلمة «صه» تدل على المعنى الذي يدل عليه لفظ اسكت وليس فيها حروف اسكت ولا شيء منها، وكذلك «مه» تدل على ما يدل عليه لفظ انكفف وليس فيها حروف انكفف، ولا شيء منها؟
(٢) من الآية ١٤٢ من سورة آل عمران.