شرح قطر الندى وبل الصدى (ابن هشام)،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

[المسألة الرابعة: بعد واو المعية في جواب نفي أو طلب أيضا]

صفحة 99 - الجزء 1

  وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}⁣(⁣١) في قراءة حمزة وابن عامر وحفص، وقال الشاعر:

  ٢٢ - ألم أك جاركم ويكون بيني ... وبينكم المودّة والإخاء

  وقال آخر:


(١) من الآية ٢٧ من سورة الأنعام.

٢٢ - هذا الشاهد من كلمة للحطيئة يهجو به الزبرقان بن بدر وقومه، ويمدح آل بغيض بن شماس، وقد استشهد به الأشموني في باب إعراب الفعل، وسيبويه (ج ١ ص ٤٢٥) والمؤلف في كتابه «شذور الذهب» (رقم ١٥٥) وابن عقيل (رقم ٣٢٩).

اللغة: «جاركم» نازلا في جواركم، أو مستجيرا بحماكم «الإخاء» بكسر الهمزة - مصدر آخيته؛ إذا اتخذته أخا.

المعنى: يوبخ الحطيئة بهذا البيت آل الزبرقان، ويقول لهم: كنت مواليا لكم نازلا في حماكم، وكان بيني وبينكم ألفة ومؤاخاة انحرفت عنكم وعدلت إلى غيركم؛ فلا بد من أن يكون لهذا سبب من ناحيتكم، فأنتم غير أهل للجوار والمودة.

الإعراب: «ألم» الهمزة للاستفهام الإنكاري، ولم: حرف نفي وجزم وقلب «أك» أصله أكن، فحذفت النون للتخفيف، وهو فعل مضارع ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر، وهو مجزوم، وعلامة جزمه سكون النون المحذوفة للتخفيف، واسمه ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا «جاركم» جار: خبر أكن منصوب بالفتحة الظاهرة، وجار مضاف والكاف ضمير المخاطب مضاف إليه، مبني على الضم في محل جر، والميم دال على الجمع «ويكون» الواو واو المعية، يكون: فعل مضارع ناقص وهو منصوب بأن المصدرية المضمرة وجوبا بعد واو المعية، وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة «بيني» بين:

ظرف متعلق بمحذوف خبر يكون تقدم على الاسم، وبين مضاف وياء المتكلم مضاف إليه مبني على السكون في محل جر «وبينكم» الواو حرف عطف، بين: ظرف معطوف على الظرف السابق، وبين مضاف وضمير المخاطب مضاف إليه، مبني على الضم في محل جر، والميم حرف دال على الجمع «المودة» اسم يكون تأخر عن الخبر، مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة «والإخاء» الواو حرف عطف، الإخاء: معطوف على المودة، والمعطوف على المرفوع مرفوع، وعلامة رفعه الضمة الظاهرة.

الشاهد فيه: قوله «ويكون» حيث نصب الفعل المضارع الذي هو يكون بأن المضمرة وجوبا بعد واو المعية، في جواب الاستفهام الإنكاري المدلول عليه بالهمزة في قوله «ألم أك جاركم».

ومثال نصب المضارع الواقع بعد واو المعية في جواب الاستفهام قول الشريف الرضي:

أتبيت ريّان الجفون من الكرى ... وأبيت منك بليلة الملسوع؟