[«ما» المصدرية، ومعنى مصدريتها]
  والتحقيق أن اسم «تكن» مستتر، و «من خليقة» تفسير لمهما، كما أن (من آية) تفسير ل «ما» في قوله تعالى: {ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ}(١)، و «مهما» مبتدأ، والجملة خبر.
[«ما» المصدرية، ومعنى مصدريتها]
  وأما «ما» المصدرية، فهي التي تسبك مع ما بعدها بمصدر، نحو قوله تعالى:
  {وَدُّوا ما عَنِتُّمْ}(٢)، أي ودّوا عنتكم، وقول الشاعر:
  ١١ - يسرّ المرء ما ذهب اللّيالي ... وكان ذهابهنّ له ذهابا
  أي: يسرّ المرء ذهاب الليالي.
(١) من الآية ١٠٦ من سورة البقرة.
(٢) من الآية ١١٨ من سورة آل عمران.
١١ - لم أجد أحدا ممن استشهد بهذا البيت نسبه إلى قائل معين.
اللغة: «ذهاب» بفتح الذال المعجمة - مصدر ذهب، تقول: ذهب يذهب - مثل منع يمنع - ذهابا.
مثل جمال، وذهوبا، مثل قعود، ومذهبا، مثل مقعد، فهو ذاهب وذهوب - بفتح الذال - إذا سار أو مر.
المعنى: إن المرء يفرح بمرور الأيام، وهو لا يدري أن في مرورها قطعا لأجله؛ فكلما مر منها يوم انقطع خيط من خيوط حياته.
الإعراب: «يسر» فعل مضارع، مرفوع لتجرده من الناصب والجازم، وعلامة رفعة الضمة الظاهرة «المرء» مفعول به تقدم على الفاعل، منصوب بالفتحة الظاهرة «ما» حرف مصدري لا يعمل شيئا غير السبك، مبني على السكون لا محل له من الإعراب «ذهب» فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب «الليالي» فاعل ذهب، مرفوع وعلامة رفعه ضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، و «ما» المصدرية مع ما بعدها في تأويل مصدر مرفوع فاعل يسر، والتقدير: يسر ذهاب الليالي المرء «وكان» الواو عاطفة، وكان فعل ماض مبني على الفتح لا محل له من الإعراب «ذهابهن» ذهاب: اسم كان مرفوع وعلامة رفعه الضمة الظاهرة، وذهاب مضاف وهن: ضمير عائد إلى الليالي مضاف إليه مبني على الفتح في محل جر «له» اللام حرف جر، والهاء ضمير يعود إلى المرء، مبني على الضم في محل جر باللّام، والجار والمجرور متعلق بذهاب الآتي «ذهابا» خبر كان، منصوب وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة.
الشاهد فيه: قوله «ما» فإنها عند الجمهور حرف تسبك مع ما بعدها بمصدر، وزعم الأخفش وابن السراج أن «ما» اسم موصول بمعنى الذي، والجملة التي بعده لا محل لها من الإعراب صلة، قيل لهما: فأين العائد على الموصول؛ لأن كل موصول اسميّ لا بد له من صلة وعائد؟ فقالا: العائد ضمير محذوف، قلنا لهما: دعوى الحذف باطلة من وجهين:
الوجه الأول: أنه إن كان محذوفا وجوبا فهو فاسد؛ لأن العائد لا يكون حذفه واجبا، ولو كان =