[لرفع الفعل بعد حتى ثلاثة شروط]
  قبلها علّة لما بعدها، نحو «أسلم حتّى تدخل الجنّة» وتارة تكون بمعنى إلى، وذلك إذا كان ما بعدها غاية لما قبلها، كقوله تعالى: {لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى}(١)، وكقولك: «لأسيرنّ حتّى تطلع الشّمس» وقد تصلح للمعنيين معا كقوله تعالى: {فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلى أَمْرِ اللَّهِ}(٢) يحتمل أن يكون المعنى كي تفيء أو إلى أن تفيء.
  والنصب في هذه المواضع وما أشبهها بأن مضمرة بعد حتى حتما، لا بحتى نفسها، خلافا للكوفيين(٣)، لأنها قد عملت في الأسماء الجرّ، كقوله تعالى: {حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ}(٤) {حَتَّى حِينٍ}(٥)، فلو عملت في الأفعال النصب لزم أن يكون لنا عامل واحد يعمل تارة في الأسماء وتارة في الأفعال، وهذا لا نظير له في العربية.
[لرفع الفعل بعد حتى ثلاثة شروط]
  وأما رفع الفعل بعدها فله ثلاثة شروط؛ الأول: كونه مسبّبا عما قبلها، ولهذا امتنع الرفع في نحو: «سرت حتّى تطلع الشّمس» لأن السير لا يكون سببا لطلوعها، الثاني: أن يكون زمن الفعل الحال لا الاستقبال، على العكس من شرط النصب، إلا أن الحال تارة يكون تحقيقا وتارة يكون تقديرا؛ فالأول كقولك: «سرت حتّى أدخلها» إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، والثاني كالمثال المذكور إذا كان السير والدخول قد مضيا ولكنك أردت حكاية الحال، وعلى هذا جاء الرفع في قوله تعالى: {حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ}(٦)؛ لأن
(١) من الآية ٩١ من سورة طه.
(٢) من الآية ٩ من سورة الحجرات.
(٣) من الدليل على أن الناصب بعد «حتى» هو «أن» المصدرية مضمرة، ظهور «أن» مع المعطوف على منصوبها، وذلك كما جاء في قول الشاعر:
ومن يكلّمهم في المحل أنّهم ... لا يعلم الجار منهم أنّه جار
حتّى يكون عزيزا من نفوسهم ... أو أن يبين جميعا وهو مختار
الشاهد في قوله: «أو أن يبين جميعا» فقد ظهرت فيه «أن» المصدرية، فدل ذلك على أن العامل في المعطوف عليه هو «أن» مضمرة، والكوفيون لا ينكرون وقوع مثل هذا في كلام العرب، وتخلصوا منه بتجويزهم دخول «أن» في المعطوف مع قولهم: إن الناصب هو حتى نفسها، وهو كلام لا يقضى العجب منه.
(٤) من الآية ٥ من سورة القدر.
(٥) من الآية ٣٥ من سورة يوسف.
(٦) من الآية ٢١٤ من سورة البقرة.