أحوال المسند إليه
  بمهلة.
  وقال الجزولي: هي متوسطة بين الفاء وثم، والتحقيق أن المهلة المعتبرة في حتى بين أول جزء للمعطوف عليه وما بعدها لا بين المعطوف عليه والمعطوف؛ إذ المعطوف من تتمة المعطوف عليه، ولخفاء المهلة بين ما بعد حتى وما قبلها أنكر نجم الأئمة كونها للمهلة وأنكر أيضا الترتيب الخارجي، وقال: إن الترتيب المعتبر بين أجزاء المعطوف عليه هو الذهني دون الخارجي، وفي قولنا: جاء القوم حتى زيد يعتبر العقل ترتب تعلق المجئ بأجزاء القوم بحسب رجحانه بالنظر إلى بعض ببعض حتى ينتهى إلى الأقوى أو الأضعف، وما قال يخالف جعلهم إياها مثل «ثم» وما استدل عليه من قولهم: مات كل أب لي حتى آدم مع أن موته متقدم، ومات الناس حتى الأنبياء مع أن موت الأنبياء في أثناء موت الناس.
  وقولهم: جاء القوم حتى خالد مع أن مجيئهم معا لا يتم لجواز أن تكون هذه الأمثلة مستعارات للترتيب الذهني للمبالغة في الترتيب الذهني بحيث يخل الترتيب الخارجي وقد جاء مثله في «ثم» في قوله:
  إنّ من ساد ثمّ ساد أبوه ... ثمّ ساد قبل ذلك جدّه(١)
  على أن الترتيب فيما ذكره من الأمثلة أيضا خارجي لكنه رتبي لا زماني وليس للعقل إلا ملاحظة هذا الترتيب الرتبى كما يلاحظه الترتيب الزماني (أو رد السامع عن الخطأ) أي: الاعتقاد الغير المطابق (إلى الصواب) أي: اعتقاد المطابق وأما تفسير قوله مما في الإيضاح والشرح حيث قالا: أو رد السامع عن الخطأ في الحكم فيقتضى جعل الخطأ والصواب صفتين للحكم لا جعلهما نفس الحكم وحينئذ يكون المعنى رد السامع عن كون حكمه خطأ إلى كون حكمه صوابا، ولا يخفى أنه معنى سمج وإن وافق المفتاح ففيه تفويت لما اتفق في عبارة المتن من إصلاح عبارة المفتاح، ولا بد من تقييد الرد بقولنا: «مع اختصار» ليخرج عنه نحو ما جاءني زيد، ولكن جاء عمرو، وكذا في البواقي ليخرج عنه عطف الجمل على الجمل، ولا بد من تقييده أيضا مما يخرج ما عداه من طريق القصر فإنه يصح في (نحو جاءني زيد لا عمرو) وما جاء إلا زيد، وإنما جاء زيد، وزيد جاء، فالأولى أن
(١) البيت لأبي نواس في ديوانه ص ١٠٦، والتبيان ص ١٣٠، والمصباح ص ١٦٣.