انحصار علم البيان فى الثلاثة: التشبيه والمجاز والكناية
  عليهم بعلاقة أنهم كانوا يتامى من قبل.
  (أو ما يؤول إليه) أي: تسمية الشيء باسم ما يؤول ذلك الشيء إليه في الزمان المستقبل (نحو: {إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً})(١) أي: عنبا يؤول إلى الخمر، إذ المقصود ليس خمرا.
  هذا هو التفسير الظاهر الموافق لما ذكره جار اللّه، والبيضاوي.
  وقال الشارح: أي عصيرا يؤول إلى الخمر، وفيه خفاء؛ إذ العصر لا يتعلق بالعصير، كما لا يتعلق بالخمر إلا أن يؤول العصر بالاستخراج بالعصر، ولا داعي إليه.
  (أو محله) أي: تسمية الشيء باسم محله (نحو: {فَلْيَدْعُ نادِيَهُ})(٢) النادي: مجلس القوم نهارا، أو المجلس ما داموا فيه، وفي التعبير عن أهل النادي به المبالغة في عجزهم عن الجواب كالنادي.
  (أو حاله) أي: تسمية الشيء باسم حاله، فيكون على وتيرة نظائره، أو حال فيه كما هو الظاهر فيه (نحو: {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ}(٣) أي: في الجنة) التي يحل فيها الرحمة، وفي التعبير عن الجنة بالرحمة دلالة على كثرة الرحمة فيها، حتى كأنها الرحمة نفسها (أو آلته نحو: {وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ}(٤) أي: ذكرا حسنا) والتعبير عنه باللسان للدلالة على طلب ذكر لا ينقطع دلالته على خبره، كما لا تنقطع كلمات اللسان، وخص الآخرين بالتفسير بخفائهما.
  فإن قلت: لم لا يجعل اللسان على حقيقتهما فيكون المعنى: «واجعل لي لسان صدق في الآخرين نافعا لي» ونفع اللسان بعده إنما هو بأن يذكر محاسنه.
  قلت: لأن نسبة اللسان إلى الآخرين يكون باللام، لا بفى، بخلاف الذكر، فإن نسبته شاعت بفى، ويحتمل أن يكون المراد واجعل لي كلاما صادقا باقيا في
(١) يوسف: ٣٦.
(٢) العلق: ١٧.
(٣) آل عمران: ١٠٧.
(٤) الشعراء: ٨٤.