الأخبار المردودة وكيفية ردها
  وأما قوله: إذا روى الثقة الإجماع واطلعنا على خلافه لزمنا العمل برواية الثقة، فنقول: بل ذلك محل نظر وترجيح للناظر؛ إذ رواية العدل لا تثمر غير الظن، فإن غلب على ظنه وهم الثقة أو أنه تكلم بقدر علمه حيث لم يجد مخالفاً قدم رواية من بحث فوجد المخالف لكونه أولا لاستناده إلى العلم بالوجدان، بخلاف النافي لاستناده إلى الظن بعدم المخالف، مع أن الأكثر نفى حجية ما هذا حاله.
  وأما قوله: إن الإجماع - يعنى بقبول رواية المتأول - كان في زمن الصحابة والتابعين، فقد روينا عن آبائنا وابن عباس رحمهم الله إنكار قبول أخبار مخالفيهم وتكذيبهم، أما أمير المؤمنين # فخطبه معروفة في ذلك حتى قال: «فأين يتاه بكم»؟ وحتى رمى أبا هريرة بالكذب وأبا مسعود البدري، وكذا بنو هاشم جميعاً رموا أبا بكر بافتعال خبر: «إنا معاشر الأنبياء لا نورث»(١)، ورمته الأنصار بافتعال خبر: «الأئمة من قريش» وكذب الشيخان وغيرهما عثمان في قوله: إن النبي ÷ وعده برجوع الحكم بن أبي العاص، وكذلك عمر تهدد أبا هريرة، وعمار رمى أبا موسى بالنفاق وكذبه، وابن الزبير كذب في دعواه شعر المزني عند معاوية، ومعاوية افتعل كتاب ذكر فيه أن النبي ÷ أمره أن يسكن الشام، وادعى أنه كاتب الوحي إلى غير ذلك من مفترياته، وبنو هاشم وأكثر المسلمين يكذبونه في ذلك، وابن عباس وعائشة ردا خبر أبي هريرة في الاستيقاظ وكذباه، وعمر رد
(١) مسند الربيع ١/ ٢٦١، فتح الباري ١٢/ ٨، التمهيد لابن عبد البر ٨/ ١٧٥، شرح الزرقاني ٤/ ٥٣١، عون المعبود ٨/ ١٣٥، تنوير الحوالك ١/ ٢٥٧، فيض القدير ٢/ ١٣٢، الكامل في ضعفاء الرجال ٢/ ٨٦، الأحكام للآمدي ٢/ ٧٧، ٢٢٤، ٢٥٤، ٣٤٨، ٣/ ٥٥، الرياض النضرة ٢/ ١٢٩، معجم البلدان ٤/ ٢٣٩.