الأخبار المردودة وكيفية ردها
  فإن قالوا: هذا من جهة العقل، لكن قد ورد السمع أنه يدخل المطيع الجنة والعاصي النار.
  قلنا: إنه إنما وعد ذلك مقروناً بمشيئته لقوله: {يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ}[آل عمران: ١٢٩] وهم لا يعلمون من الذي شاء الله أن يغفر لهم. ا ه.
  [ابن الوزير] اعترضه السيد محمد فقال: الجواب عليه من وجوه:
  الوجه الأول: إنا قد بينا غير مرة أن الأشعرية وأهل الحديث لا يقولون بالجبر وبينا نصوص أئمتهم على ثبوت الاختيار ونفي الإجبار كالجويني، والخطابي، والنووي، وابن الحاجب، وغير واحد ممن قدمنا ذكره وهم أعرف بمذاهبهم من غيرهم، والرجوع إليهم في تفسير مقاصدهم في عباراتهم أولى من الرجوع إلى غيرهم، وإذا جاز أن ينسب إليهم ما هم مفصحون بالبراءة منه، جاز أن ينسب إلى الشيعة والمعتزلة مثل ذلك. ا ه.
  [المؤلف] قلت: والجواب عن هذا الوجه قد تقدم، وأن عبارتهم وإن احتملت الاختيار فقد صرحوا بمعنى الجبر بقولهم: لا قدرة للعبد ولا تأثير لقدرته في الفعل وأن الخالق له والمؤثر هو الله سبحانه، وإنما الاختيار المذكور في صدر العبارة هو مجرد الاعتبار عند الأشاعرة والأحوال عند الماتريدية، وقد نقلنا كلامهم بعينه لئلا يرتاب فيه، مع أن الجويني ليس من الأشاعرة وكل من نص عليهم فليسوا من أئمة أهل الحديث الذين قصد الذب عنهم، فأما هم فلم يطلع لأحد منهم على نص في الاختيار أصلاً إلا أن يكون ابن القيم، ففي ذهني أنه يثبت الكسب كالأشاعرة لكن [لم] يحضرني مصنفه فانقل كلامه