[سمرة بن جندب]
  فأما زعمك أن يكن أهل الحديث قاموا بما قام به النبي ÷ وأصحابه، وفهموا كما فهموا من معاني التنزيل ففرية ليس فيها مرية كيف أيقاس عقل النبي ÷ بأجلاف الظاهرية، وقد وزن فرجح بأمته أو بأصحابه فرسان البلاغة وأرباب الخطابة في مقابل من لا يعرف قبيل من دبير، ولا حقيقة من مجاز، ولا تجسيم من تعطيل، ولا تشبيه من تمثيل؟
  فيا لله والعجب! أتنسب رسول الله ÷ وأصحابه إلى الجهل الوخيم وترميهم ببلادتكم؟ إن ذلك لهو البلاء المبين! وهل أردت غير هذا؟ وهل حمت إلا في حماه؟!
  [ابن الوزير] قال |: ومن المعلوم أن الكفار لو اعتذروا بالشبه وجاءوا بفيلسوف يجادل عنهم، وطلبوا من النبي ÷ ترك الجهاد حتى يتعلموا أدلة علم الكلام ويجيب النبي عن جميع شبه الفلاسفة القادحة في العلم حتى يؤمنوا على يقين ما عذرهم النبي ÷ في الكفر يوماً واحداً وكيف يمهلهم ويترك جهادهم حتى يتعلموا ذلك. ا ه.
  [المؤلف] أقول: بل العلم اليقين أن النبي ÷ كان يجيب عن كل شبهة ويقيم الحجة عليهم كما جرت عادة الله الحكيم بإرسال الرسل وتمكين المرسل إليهم والإنذار والإعذار لكلٍّ بما يليق به، أليس نبينا ÷ لبث في مكة ثلاثة عشر سنة أو أقل قليل، وأمّن صفوان بن أمية مدة، وجعل الخيار له بعد انقضاء المدة بين الإسلام أو الرحيل، وكذلك اليهود كم تناظر هو وإياهم ولم يقتلهم إلا بعد الخندق، ونقطع يقيناً أنه ÷ لا يعاجل أحداً حتى يستوفي إقامة البرهان عليه، إن شرعنا مقتبس من حكيم لا من عقل محدث