العلم الواصم في الرد على هفوات الروض الباسم،

أحمد بن الحسن القاسمي (المتوفى: 1375 هـ)

البحث الثاني في الهداية

صفحة 307 - الجزء 1

  والاهتداء يختص بما يتحراه الإنسان على طريق الاختيار أما في الأمور الدنيوية أو الأخروية قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا}⁣[الأنعام: ٩٧] وقال: {إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}⁣[النساء: ٩٨] ويقال ذلك لطلب الهداية نحو: {وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُون}⁣[البقرة: ٥٣]، وقال: {فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}⁣[البقرة: ١٥٠]، {فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوا}⁣[آل عمران: ٢٠]، {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا}⁣[البقرة: ١٣٧]، ويقال: المهتدي لمن يقتدي بعالم أو غيره نحو: {أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلاَ يَهْتَدُونَ}⁣[المائدة: ١٠٤]، تنبيهاً أنهم لا يعلمون بأنفسهم ولا يقتدون بعالم، وقوله: {فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا}⁣[يونس: ١٠٨] فإن الاهتداء هاهنا يتناول وجوه الاهتداء من طلب الهداية ومن الاقتداء أو من جزئيها وكذا قوله: {وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لاَ يَهْتَدُونَ}⁣[النمل: ٢٤]، وقوله: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى}⁣[طه: ٨٢] فمعناه ثم أدام طلب الهداية ولم يفتر عن تحريه ولم يرجع إلى المعصية، وقوله: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ ...} إلى قوله: {وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}⁣[البقرة: ١٥٦ - ١٥٧] أي الذين تحروا هدايته وقبلوها وعملوا بها، وقال مخبراً عن القائل: {يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ}⁣[الزخرف: ٤٩].

  وأما الإضلال ونحوه، فقد ذكروا في علم البيان أن كل شيء يكون سبباً في وقوع فعل صح نسبة ذلك الفعل إليه وصح أن ينسب ضلال العبد إلى الله من هذا الوجه فيقال: