مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[وجوب إخراج شيئا من العروض وسائر المثليات عن المظالم الملتبس أهلها من النقود وغيرها]

صفحة 120 - الجزء 1

  قالوا: إن فريضة الحج نزلت لسنة ست من الهجرة فأخرّه صلى الله عليه وآله إلى سنة عشر.

  قلنا: لم نعرف وجه تراخيه صلى الله عليه وآله، فلعله لعذرٍ، ولأن ذلك معارض بما مر لنا ولا قوة له على مصادمة الآية.

  قالوا: أمر رسول الله صلى الله عليه وآله منادياً: ألا إن رسول الله صلى الله عليه وآله حاج، فمن أراد الحج فليحج، فعلّقه بالإرادة، وذلك يدل على التراخي.

  والجواب والله الموفق: أنه لا دلالة على ذلك، وإنما هو كقوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إلى رَبِّهِ سَبِيلاً}⁣[المزمل: ١٩]، وقوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}⁣[الكهف: ٢٩].

  إذا عرفت ذلك وجب إخراج ما في يده من العروض، ونحوها عن تلك المظالم على وجه لا يوهم أنه متفضل به كالهدية والضيافة لوجوب المكافأة على ما وقع كذلك قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ}⁣[الرحمن: ٦٠].

  وروى الهادي # في (الأحكام) عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لعائشة: «أتروين شعر ابن عريض اليهودي؟» قالت: لا، فقالت أم سلمة: ولكني أرويه، فقال لها: «وكيف قال»؟: فقالت: قال:

  أجزيك أن أثني عليك وإن من ... أثنى عليك بما فعلت فقد جزى

  فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: «قال جبريل: يا محمد من أولاك يداً⁣(⁣١) فكافه فإن لم تقدر فاثن عليه»⁣(⁣٢).


(١) يداً: سقط من (أ).

(٢) الأحكام (٢/ ٥٤٤).