مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم المبيع وتصرف البائع والمشتري بالنقدين المغصوبين]

صفحة 123 - الجزء 1

  تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ}⁣[النساء: ٢٩]، وقال صلى الله عليه وآله: «لا يحل مال امرئٍ مسلم إلا بطيبة من نفسه»⁣(⁣١)، ولكن لا تبرى ذمة المشتري بالدفع من النقدين المذكورين؛ لأنه أعطاه ما لا يملكه بدليل ما مر فالثمن باق في ذمته بلا إشكال، وللبايع أن يسترجع المبيع إن كان باقياً لتعذر الثمن والوجه في ذلك أنه لم يرض بإخراجه عن ملكه إلى ملك المشتري إلا بالثمن المتراضى عليه، فلمّا تعذر الثمن كان الرضا منتفياً ولا تأثير لمجرد العقد من دون تراض وعوض إجماعاً، والأصل في ذلك قوله تعالى: {إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ}⁣[النساء: ٢٩].

  وقال السائل: هل للمشتري أن يمتنع من تسليم المبيع للبائع حيث حكم به - أي بالتسليم - حتى يرد المشتري ما أخذه من النقدين؟

  والجواب والله الموفق: أن هذا السؤال مضطرب، فإن كان على ظاهره فلا وجه لامتناع المشتري من رد المبيع الذي قبضه حتى يرد - أي المشتري المذكور⁣(⁣٢) - بنفسه ما أخذه من النقدين، وما الموجب لذلك والحامل عليه؟ وقد حكم بذلك⁣(⁣٣) الحاكم بتسليم ما كان قبضه من المبيع إلى البائع لتعذر الثمن وانتفاء⁣(⁣٤) الرضا كما تقدم ذكره.

  وقال السائل: فهل للمشتري أن يصرف ما أخذه من البائع؟

  والجواب والله الموفق: أنه لا وجه لصرف ما أخذه المشتري من البائع؛ لأنه إنما أخذ منه المبيع، وقد تقدم وجه أن للبائع الرجوع فيه وإنما يجب على المشتري رده إليه لقوله تعالى: {وَلاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}⁣[البقرة: ١٨٨].


(١) سبق تخريج الحديث.

(٢) في (ب): المذكورة.

(٣) بذلك: سقط من (ب).

(٤) في (أ): واقتضاء.