مجموع كتب ورسائل الإمام القاسم بن محمد (القسم الأول)،

القاسم بن محمد بن علي (المتوفى: 1029 هـ)

[حكم صرف الزكاة إلى الفقراء من العوام الجاهلين بأصول الدين]

صفحة 143 - الجزء 1

[حكم صرف الزكاة إلى الفقراء من العوام الجاهلين بأصول الدين]

  وقال السائل: هل يجزي صرف الواجبات إلى الفقراء من العوام الذين ظاهرهم الجودة والعدالة، مع حصول الظن أنهم لو سئلوا عن شيء من مسائل أصول الدين لم يهتدوا إلى الصواب إلا بالتقليد؟

  والجواب والله الموفق: أنه يجب على المكلفين كافة ترك التقصير في معرفة خالقهم ومعرفة حدوده؛ لأن من لم يعرف الله فهو كافر، ومن لم يعرف حدوده فهو ضال جاهل، وكلا الأمرين معلومان من الدين ضرورة، فإذا أخرجه جهله إلى الكفر بالله سبحانه لم يصح صرف الزكاة فيه إجماعاً، وإن كان جاهلاً لحدود⁣(⁣١) الله لم يخش الله؛ لقوله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}⁣[فاطر: ٢٨]، وإذا لم يخش الله فهو من الخاسرين؛ لقوله تعالى: {أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ الله إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ}⁣[الأعراف: ٩٩]، وإذا كان من الخاسرين فإقامته على ذلك من أعظم الفتن؛ لقوله تعالى: {لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ}⁣[الأعراف: ٢٧]، وقد قال تعالى: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ ...}⁣[الأنفال: ٣٩] الآية.

  وصرف الزكاة ينافي قتالهم ضرورة فإذا توهم مخرج الزكاة فيمن ظاهره الصلاح من العوام أنه جاهل بالله وحدوده⁣(⁣٢)، سأله بلطف عن كون الله سبحانه⁣(⁣٣) قديماً، قادراً، عالماً، حياً، ليس كمثله شيء، وأن المخلوق لا يقدر أن يُكيف الخالق بوهم ولا علم، ولا يدركه بشيء من الحواس في


(١) في (ب): بحدود الله سبحانه.

(٢) في (ب): وبحدوده.

(٣) سبحانه: سقط من (أ).