[استغناء العلوم الإسلامية عن المنطق]
  المبلغ كحنين الجذع، وشهادة الذئب(١) والثعلب، وغير ذلك مما تواتر لمن بحث السير وكتب الحديث، وكعجز فصحاء العرب على(٢) أن يأتوا بمثله على أنه كلام من لا يجوز عليه اللغو وهو الله رب العالمين.
  فإن قيل: إنهم لا يثبتون ذلك إلا إذا كان النوع مشاركاً للعام في الحكم لا مع عدم المشاركة فإنهم لا يثبتونه وإنما يحكمون ببطلانه.
  قلت وبالله التوفيق: إذا كان لا بد من المشاركة فلا يخلو إما أن يكون بالقياس فقد جعلوا ذلك بيان المشاركة بصحة المقدمتين بين الأصل والفرع كما نبينه الآن، وذلك لا يجدي إلا فتح باب الجهالات والكفر كما تقرر أو بشمول(٣) العموم في اللفظ حتى يندرج الخاص في حكمه وذلك مناقضة لظاهر دعواهم حيث قالوا: إنه نفس القياس، ومن المعلوم عند العقلاء أن القياس غير الخاص المندرج تحت العام، ومن المعلوم أنهم يستغنون في التعبير عن ذلك عن البرهان فيقولون: لفظ الحيوان يتناول الإنسان لغةً، فإن وجدوا للخاص حكماً يخصه بدليل أجروه عليه وإلا أثبتوا له حكم العام وعبروا عنه بنحو قولهم قوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا}[محمد: ٨] يتناول
(١) أما الذئب فإنه أقبل إلى رسول الله فشكى إليه الجوع وقال: يا رسول الله، إنما بعثك الله رأفة ورحمة، وليحيي بك العباد والبلاد فاقسم لي شيئاً أناله، فدعا النبي ÷ الرعاة وقال: «افرضوا للذئب شيئاً» فبخلوا ولم يفعلوا، ثم عاد فشكى عليه من الغد الجوع وأعاد الكلام، فدعا ÷ الرعاة ثانياً وقال: «افرضوا للذئب شيئاً» فلم يفعلوا، ثم عاد إليه من الغد، انظر: (المصابيح لأبي العباس الحسني ص ١٣٨)، وفي مناقب ابن الكوفي رواية عن ابن عباس غير ما هنا.
(٢) على: سقط من (أ).
(٣) في (ب): شمول.