[حكم المشاهدة لجمع الأموال في الأسواق بالكره]
  السوق أصلاً؛ لأنه مع ذلك بين ظهراني أهل المعاصي، وقد تقدم دليل تحريم الوقوف بين ظهرانيهم، فإن ألجت ضرورة إلى دخول السوق على حد الاضطرار إلى أكل الميتة جاز الدخول والتجنب قدر الاستطاعة؛ لقوله تعالى: {فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ}[التغابن: ١٦]، وقوله ÷: «إذا أُمِرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم»(١).
  وقال السائل: هل يستحق الرعية الثواب، والعوض(٢) على الصبر والاغتمام بما أخذ منهم السلطان؟
  والجواب والله الموفق: أنه إذا أخذ السلطان منهم شيئاً وهم في غير الدار التي هو متولٍ عليها كأن يغزوهم وهم غارون فيأخذهم، أو كانوا يظنون أنهم يقدرون على دفعه فيغلبهم فيأخذهم(٣)، فلا شك أن لهم على ذلك العوض والثواب على الصبر والاغتمام عليه؛ لأنهم مظلومون ولا يخالف في ذلك أحد من المسلمين، وإذا كان ذلك(٤) وهم في ديارهم، ويتمكنون من الهجرة منها فإن ذلك حرام عليهم يستحقون به من الله تعالى النكال والخلود في النار؛ لأنه مما يتقوى به الظالمون فكان من أعظم المعاونة على الظلم، وقد قال تعالى: {وَلاَ تَعَاوَنُوا على الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢].
  وزعم بعضهم: أن ذلك لايكون معاونة إلا مع القسط؛ وهو باطل؛ لأن الله يقول حاكياً عن الكافرين: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إلى الله زُلْفَى}[الزمر: ٣]، ويقول تعالى: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ الله مَا لاَ يَنفَعُهُمْ وَلاَ يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ على
(١) الحديث أخرجه البخاري (٩: ١١٧)، ومسلم كتاب الحج برقم (٤١٢) وغيرهما، انظر: (موسوعة أطراف الحديث النبوي ١/ ٢٦٣).
(٢) في (ب): في العوض.
(٣) في (ب): فغلبهم فيأخذ منهم.
(٤) ذلك: سقط من (أ).