[الاختلاف في اشتراط الأدلة القطعية]
  وقوله تعالى: {وَإِنَّ الظَّنَّ لاَ يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[النجم: ٢٨] ونحو ذلك من الآيات الدالة على ذم الظن، وقوله صلى الله عليه وآله: «من أعان على خصومةٍ بغير علم، كان في سخط الله حتى ينزع»(١) رواه أبو طالب # في (الأمالي).
  وأما وجوب دفع الضرر المظنون عقلاً، إن كان دفعه بما يعلم أنه يدفعه فلا حجة لهم فيه، وإن كان بما يظن، فإنَّا نعلم وقوع الخطأ في كثير من الظنون ورب خطأٍ مؤدٍ إلى العطب(٢)، فإن حذَّر منه بصير وجب تجنُّبه عقلاً، وهذا قد حذّر منه السميع البصير كما تقدم، وكما قال تعالى: {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ... الآية}[الإسراء: ٣٦].
  وأما احتجاجهم بما(٣) سوى ذلك مما ذكروه، فلنا عليه جوابان: جملي، وتفصيلي.
  أما الجملي: فإنه لا يخلو إما أن يكون ثبوت ذلك لدليل أو لغير دليل ليس الثاني؛ لأن الأصول لا يصح ثبوتها لغير دليل عقلاً وشرعاً وإجماعاً.
  والأول لا يخلو إما أن يكون الدليل: ظني أو علمي، إن كان الدليل(٤) ظني فهو محل النزاع، فكيف يصح الاحتجاج به علينا؛ ونحن ننفيه؟! ودليلنا قائم على بطلانه! وإن كان الدليل(٥) علمي فما قضى بصحته الدليل المعلوم كان معلوماً، وخرج بذلك من(٦) دائرة الظن إلى دائرة العلم، وإلا
(١) أخرجه أبو طالب في أماليه ص ٥٥١، والحديث في موضح أوهام الجمع والتفريق للبغدادي (١/ ١٥٤)، وهو بلفظ: «من أعان على خصومة بغير علم، كان في سخط الله حتى يرجع». (موسوعة أطراف الحديث النبوي ٨/ ١٠٣).
(٢) العطب: الهلاك.
(٣) في (ب): ما.
(٤) في (ب): لدليل.
(٥) في (ب): لدليل
(٦) في (ب): عن.