(وصف أمير المؤمنين لأقوام آخر الزمان)
  وإلا كان مشاركاً لهم في ذلك ضرورة.
  وقالوا: لو هاجرنا لانتفع الظالمون بالمال بعدنا، فلم تؤثِّر هجرتنا إلا التعب!
  قلت وبالله التوفيق: الواجب إفساد المال كما تقدم ذكره لئلا ينتفع به الظالمون، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}[المائدة: ٢]، وترك إفساده معاونة لهم؛ لأن المعلوم أنهم ينتفعون به، وكذلك إجماع العترة $ المقدم ذكره كذلك دليل عليه، فإن لم يتمكن من إتلافه ترك لهم، وما استعانوا به منه بعد إذٍ فلا يؤآخذ به؛ لأنه لم يدخل في تحت وسعه ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها، وليس ذلك بمرخص في بقائه، والدخول تحت طاعتهم؛ لأن انتفاعهم به أهون من انتفاعهم بما يستمر من تسليم الأموال إليهم؛ لأن ما يستمر غير منقطع، وذلك منقطع ولا شك، إنما يتقوّون به على المنكر، وينقطع أهون من الذي يتقوّون به عليه ويستمر.
  فإن قيل: فإن منها ما يستمر كالمزارع؛ لأنه يأتي من يزدرعها ويستمر تسليمه إليهم من غلاتها!
  قلت وبالله التوفيق: قد ثبت بما تقدم أن تسليم الأموال إليهم محرم من أرباب المزارع كان أو من غيرهم، والإثم على فاعله؛ لقوله تعالى: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤] أي: لا يحمل مذنب ذنب مذنب غيره، فلما كان كذلك علمنا أن الذنب على من يزرعها، ويسلم إليهم من غلاتها دون من تجنب ذلك فهو كالزنا، وليس في شريعة الإسلام إباحة الزنا لأجل أن الغير لا يتركه، وذلك بحمد الله واضح.
  وقالوا: قد عمّت المحنة وشملت الفتنة، فالمهاجر من أرضه لم ينج من