(وصف أمير المؤمنين لأقوام آخر الزمان)
  تسليم الأموال إليهم!
  قلت وبالله التوفيق: هذا خلاف ما نعلمه؛ لأنا نعلم أن كثيراً من الأرض ذات الطول والعرض لو هاجروا إليها لنجوا من تسليم الأموال إليهم ولكن بعدت عليهم الشقة فكأن الأرض لم تكن إلا حيث يهوون، هلاّ اقتدوا بالمؤمنين من أصحاب رسول الله ÷، وما كان من هجرتهم إلى الحبشة تارة، وإلى المدينة أخرى مع التعب الشديد والسفر البعيد.
  فإن قالوا: لسنا كأصحاب رسول الله ÷!
  قلت وبالله التوفيق: إن أردتم أنكم لستم كأصحاب رسول الله ÷ في التكليف بالأحكام الشرعية، فقد كذبتم جهاراً؛ لأن التكليف بالأحكام الشرعية متحد ماعدا المستثنى، ومن جملتها ترك تقوية الظالمين، والفرار إلى أرض الله الواسعة كما قال تعالى: {قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ الله وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا}[النساء: ٩٧].
  وإن أردتم أنكم لستم كمثلهم في فعل الطاعة فلقد صدقتم، فإنهم أطاعوا الله سبحانه وأنتم عصيتم، وقلتم(١): إنا نخاف الضياع إذا هاجرنا إلى غير الأماكن التي لا تنجو من تسليم الأموال فيها، وقد جربنا تقاصر الرزق والحاجة في هذه الأماكن القريبة فضلاً عن غيرها!
  قلت وبالله التوفيق: وقد وعد الله سبحانه بالرزق للمهاجرين في سبيل الله، قال تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ الله يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً}[النساء: ١٠٠].
(١) في (أ) و (ب): وقالوا.