[حكم خبر الواحد يثمر العلم مع القرينة]
  روي عن عبدالله بن أبي قتادة، عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دعي إلى جنازة سأل عنها فإن أثني عليها بخير صلّى عليها، وإن أثني عليها بغير ذلك قال: «شأنكم بها»(١) ولم يصل عليها، فلو كان يشفع في الآخرة لأهل الكبائر لجاز أن يصلي عليهم ويدعو لهم في الدنيا.
  وهذه المسائل الثلاث من المسائل العلمية بالاتفاق، فإذا كان ما ذهبنا إليه مفيداً للعلم بالحجج القاطعة، فلا استبعاد في موافقته لأهل الحق من العترة الطاهرة، وإنما الاستبعاد في قول من يوجب العمل بما ظنَّ صدقه من أخبار كفار التأويل وفساقه، ولا يوجب عرضاً على كتاب الله سبحانه البتة، ولا أخذاً بالمجمع عليه من الأخبار مع التناقض [الظاهر](٢)، وذلك أنهم يقولون: إن دليل الأخذ به(٣) قطعي، ثم يقولون: ولا يفيد في الاستدلال به إلا الظنّ، وتناقض ذلك في غاية الظهور؛ لأنه لو كان دليل الأخذ به قطعياً لكان الاستدلال به قطعياً؛ لأن ما دلّ على صدقه الدليل القطعي فهو صحيح قطعاً، وكيف يكون الدليل على صحة خبر الجبري قطعياً، ونحن لا نأمن أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله كما قد(٤) كذب على الله تعالى في نسبة القبائح إليه - تعالى عن ذلك -، وهو يعتقد أيضاً أن كذبه على رسول الله صلى الله عليه وآله ليس منه، وإنما هو من الله - تعالى الله عنه علواً كبيراً -(٥).
  فإن قيل: فَلِمَ قَبِل الصحابة خبر الواحد؟
(١) الحديث في مجمع الزوائد (٣: ٤)، وفي مسند أحمد بن حنبل (٥: ٣٠٠) وفي غيرهما. انظر: (موسوعة أطراف الحديث النبوي ٥/ ٢٨١).
(٢) ما بين المعكوفين: زيادة في (ب).
(٣) به، سقط من (أ).
(٤) سقط من (أ)، قد.
(٥) في (ب): تعالى علواً كبيراً.